ملف التعليم في الكويت مأساوي بحق، لأن الدولة لم تبخل بالمال، لكن تردي مستوى المعلمين والمناهج وقصور نظم تقييم المدارس يؤديان إلى جريمة العبث الإرادي والمقصود بالمال العام. وتؤكد نتائج مشاركة الكويت في المسابقات العالمية للاختبارات التعليمية صدق ما نقول.

Ad

أول العمود:

يجب أن نفرق بين شيئين في الكويت: الأول أن الأمور بدأت تتغير بعد الحراك السياسي، والثاني أن ذلك يؤدي إلى تطور حقيقي.

***

ثقافة مواصلة الغياب قبل أيام الدراسة وبعدها المتصلة بالعطل القصيرة أصابت الدوام المدرسي في مقتل، وهذا ما حدث قبل عطلة العيد الوطني والتحرير وبعدها، إذ وصلت نسبة الحضور إلى 3% في الأيام التي أعقبت الأعياد حسب ما نشر منذ أيام!!

ونقلت الصحف غضب الوزير الجديد من نسبة الحضور المتدنية في إحدى المدارس التي زارها فجأة، بينما زار مدرسة أخرى ولم يجد مديرها!

في الحقيقة أن الصرف على التعليم في الكويت يضاهي معدلات الصرف في دول متقدمة كسنغافورة وبعض دول الاتحاد الأوروبي، إلا أنه يعاني أمراض إدارة اقتصادات التعليم، فرئيس المكتب الثقافي الكويتي في واشنطن د. عبدالعزيز العمر كشف في المؤتمر العاشر للتعليم العالمي المنعقد في العاصمة الأميركية يوم 23 فبراير الفائت بقوله إن نسبة إنفاق الكويت على التعليم تصل إلى 13% من مجموع الإنفاق العام و3.9% من الإنتاج الإجمالي، وهي نسبة جيدة.

من جانب آخر كشف تقرير الإدارة المالية بالوزارة الخاص بالإنفاق العام على التعليم للسنة المالية 2009- 2010 عن صرف مليار و320 مليون دينار على التعليم لتلك السنة، وبلغ متوسط تكلفة الطالب السنوية 3 آلاف و750 دينارا، وهي ذات التكلفة لرسوم أفضل مدرسة خاصة في الكويت. لكن شتان بين المخرجات!

ملف التعليم في الكويت مأساوي بحق، لأن الدولة لم تبخل بالمال، لكن تردي مستوى المعلمين والمناهج وقصور نظم تقييم المدارس يؤديان إلى جريمة العبث الإرادي والمقصود بالمال العام.

وتؤكد نتائج مشاركة الكويت في المسابقات العالمية للاختبارات التعليمية صدق ما نقول، فهل يعقل مع كل هذه الملايين أن تأتي نتائج تلاميذنا في اختبارات مهارات القراءة والكتابة بالمرتبة 33 من أصل 35 في عام 2006!! أليست هذه مأساة؟

أعود إلى مسألة الغياب المتكرر عن الدوام المدرسي لأقول إنها مسؤولية المدرسة بالدرجة الأولى، فهي من تملك تقييم الطالب على أدائه وحضوره، وبالتالي ليس هناك مجال لإلقاء المسؤولية على الأهالي، وإلا كيف استطاعت المدارس الخاصة ذات المستوى العالي تعليما وإدارة ضبط هذه المسائل.

في الختام أذكر القارئ الكريم بالصخب السياسي الذي دار حول كادر المعلمين ومقارنته مع مستوى تعليم أبنائنا المتواضع، فهو دليل على الاهتمام بالماديات وترك المسألة التعليمية وكأنها خالية من الأمراض.

إن من بين من يتمتعون بالكادر المالي اليوم هم من يقولون لأبنائنا قبيل العطل عودوا إلى منازلكم، لا توجد دراسة!!