قضاء وقدر!

نشر في 20-01-2012
آخر تحديث 20-01-2012 | 00:01
No Image Caption
 د. حسن عبدالله جوهر نأمل أن تكون أحداث انتخابات 2012 عبرة أخرى للحكومة والمجلس القادمين للاستفادة من الأخطاء الفادحة التي كشفت حجم الاختلالات الكبيرة في مواقع كثيرة، تُركت وأُهملت لتلحق الصدأ في مفاصل حيوية وخطيرة في البناء المؤسسي والقانوني للدولة.

مرة أخرى يحلق القضاء الكويتي عالياً في الانتصار للدستور ويثبت أنه صمام الأمان للديمقراطية، ويترجم عدالة الموقف في إثبات حقوق أطراف متناقضين فكرياً وسياسياً حتى النخاع، ويقدمها على طبق واحد من المساواة.

فالأحكام القضائية بإلغاء قرار وزير الداخلية بشطب عدد من المرشحين نزعت فتيل أزمة جديدة من الجسد السياسي المتورم من الشحن العاطفي، وأثبتت أن وجود وزارة الداخلية على رأس العملية الانتخابية والتدخل المباشر في شؤونها خطأ جسيم من الناحية الدستورية، ناهيك عن البعد الموضوعي في هذه القضية.

فمن غير المعقول والمقبول أن تكون السلطة التنفيذية هي الخصم والحكم في تحديد أعضاء السلطة التشريعية التي تراقب أعمالها وتطرح في وزرائها الثقة من جهة، ومن جهة ثانية مهما بلغت درجة الاجتهاد والحيادية في تفسير وتطبيق معايير الترشيح والانتخاب عند وزير الداخلية، فإن مثل هذه الإجراءات والقرارات ستكون عرضة للتشكيك والتأويل والاحتجاج، بل قد تتسبب في إشعال الساحة السياسية الذي رأينا بوادره لولا لطف الله وقدره في وجود السلطة القضائية وتدخلها في الوقت المناسب.

وهناك مشكلة حقيقية يجب التنبيه إليها، وهي أن الكثير من الناس لا يتابعون بعض القضايا والأطروحات العامة والمهمة، ولا يتفاعلون معها بالمستوى المطلوب في حينها، ومن هذه القضايا التي كانت محل اهتمام العديد من أعضاء مجالس الأمة السابقين، وعلى مدى سنوات طويلة، وتحذر من الوقوع في المحظور، حزمة التشريعات الخاصة بتطوير وإصلاح المرفق القضائي، التي كانت تواجه بالعناد الحكومي والتصدي القوي من أصحاب النفوذ والمصالح الضيقة.

وكم من المواطنين يستذكر أن النائب والوزير السابق مشاري العنجري قد جاهد منذ عام 1992 من أجل إقرار قانون استقلالية القضاء، وكم منا يتذكر عدد المقترحات النيابية ونوعيتها التي أطلقها رجال أفاضل من بينهم عبدالله الرومي ومشاري العصيمي وأحمد المليفي وعادل الصرعاوي ووليد الجري وأحمد السعدون وغيرهم ممن لا تحضرهم الذاكرة بشأن إنشاء مفوضية مستقلة للانتخابات وبسط يد السلطة القضائية بالكامل على العملية الانتخابية، وإنشاء المحكمة الدستورية، وتبسيط الإجراءات القضائية وغيرها من الاقتراحات التي من شأنها حماية النظام السياسي والديمقراطي وتمتعه بالمزيد من الشفافية والحيادية والدفاع عن حقوق المواطن في مكتسباته القانونية، والنأي بالبلد والشعب من الوقوع في أتون الفتن والأزمات التي لا يحمد عقباها؟

ولذلك نأمل أن تكون أحداث انتخابات 2012 عبرة أخرى للحكومة والمجلس القادمين للاستفادة من الأخطاء الفادحة التي كشفت حجم الاختلالات الكبيرة في مواقع كثيرة، تُركت وأُهملت لتلحق الصدأ في مفاصل حيوية وخطيرة في البناء المؤسسي والقانوني للدولة، وأثبتت مع الأيام أن صلاحها يعني بحق أن كلا منها يعتبر صمام أمان في وجه الفتن والابتلاءات التي كُتب لبعضها ألا ينتهي!

back to top