لا يصحّ أن نقيِّم أو نحاسب فيلم «سامي أوكسيد الكربون» على ما نتصوّره أو نريده منه، إنما على أساس ما يقدّمه الفيلم نفسه، باعتباره ينتمي إلى نوعية «الفكاهة الخفيفة» وليس الكوميديا بمعناها العميق، كأحد شطرَي الدراما إلى جانب التراجيديا.

Ad

في هذا الإطار، نحن أمام فيلم خفيف يحاول أن يكون طريفاً ويخاطب قطاعين من الجمهور: المراهقون والأطفال.

نقول «يحاول» لأن الفيلم لم ينجح دائماً في أن يكون طريفاً، وافتقد إلى «الإتقان» إلى حدّ كبير، إذ كان يمكن أن يشعر المراهقون بأنه يناقش حالات أو تحوّلات تهمّهم، أو حتى يضحك معهم وليس عليهم.

يعوز الفيلم «الإتقان»، حتى في إطار سينما التسلية وبمعيارها، سواء على مستوى إخراج أكرم فريد، أو كتابة السيناريو والحوار للثلاثي سامح سر الختم ومحمد النبوي وعلاء حسن، ما أثّر حتى على أداء أبطاله الموهوبين: هاني رمزي، درة، وإدوارد.

اللافت أن للمخرج تجربة سابقة أكثر نضجاً في فيلم «عائلة ميكي»، لذا يُعتبر الفيلم الجديد خطوة إلى الوراء، حتى فيلمه «الحبّ كده» (للتسلية) كان أفضل بالنسبة إليه وإلى بطلته درّة التي تتمتّع بحضور قوي، كذلك تراجع كتّاب السيناريو عن مستويات سابقة.

يغازل الفيلم المراهقة، من خلال تيمة الطيار سامي (هاني رمزي) الذي تدور حياته حول اصطياد الفتيات، ما يذكّرنا بمسرحية «مطار الحبّ» الفكاهية وفيلم قديم لفؤاد المهندس وشويكار. إلا أن سامي لا يلبث أن يقع في حبّ جيهان (درّة)، فتاة جادة ووطنية لديها مدوّنة على الـ «فيسبوك» تكشف من خلالها فساد بعض رجال الأعمال، ويحاول أن يثبت لها، طوال الأحداث، أنه صار جديراً بها إلى أن يتحقّق له ما يريد في نهاية الفيلم.

وإذا كان الفيلم نجح في أمر ما، فهو اكتشافه الطفلة جنى عمرو التي تتمتع بخفة ظلّ حقيقية وحضور يجذب الأطفال، وهي موهبة تستحقّ أن ترعاها السينما المصرية لا أن تهدرها كما فعلت مع سواها سابقاً: تارة بمحاولة تقليد فيروز، طفلة السينما المصرية الأشهر، وطوراً بمحاولة تقليد الأطفال للكبار، فينطقون ويعلّقون بطريقتهم ما يبدو ثقيلاً ومفتعلاً.

لكن الطفلة في هذا الفيلم تدخل القلب، لا سيما في المشاهد المرحة التي تجمعها ببطله، فهي تظهر في حياته فجأة كابنة له من طليقته التي تصاب بمرض يبدو ألا شفاء منه ولا تجد بديلاً سوى كشف سرّ الإبنة أمامه بعدما خبأته سنوات ليأسها من قدرته على تحمّل أي مسؤولية، لا سيما أنها اكتشفت حملها بعد الطلاق منه.

بدايةً، يعاني سامي في تحمّل هذه المسؤولية أشدّ المعاناة، إلى أن يتحوّل تدريجاً، وتصبح الطفلة جوهر بهجة حياته إلى جانب حبيبته جيهان.

أحد العناصر التي وُفّقت في الفيلم ديكور كمال مجدي، خصوصاً شقة البطل التي تتوافق مع مستواه المرتفع من جهة ومع البهجة والمرح التي تناسب الفكاهة السينمائية من جهة أخرى، الحالة نفسها من البهجة والمرح حاول أن يعكسها تصوير وإضاءة أحمد جبر.

بين مخاطبة المراهقة والطفولة، لم يخلُ الفيلم من الوقوع في إسفاف على مستوى الحوار، بينما كان عليه أن يتحاشى ذلك تماماً، ليقدم فيلماً فكاهياً راقياً يناسب الأطفال الذين حرص على تقديم مشاهد مرحة لهم.

وبقدر ما وقع الحوار في الإسفاف، وقع أيضاً في الاستظراف وهو يردّد تعابير شهيرة على لسان جمهور ثورة يناير الشعبية، من باب الاستثمار غير اللائق.