واهم من يظن أن شطب اسم النائب السابق والمرشح الحالي د. فيصل المسلم ليس له علاقة بأدائه لدوره البرلماني، إذ يكفي أن نتذكر الدور الرائع الذي قام به د. المسلم عندما كشف في قاعة عبدالله السالم عن فضيحة الرشوة السياسية، أو ما يعرف إعلاميا باسم "قضية الشيكات" التي اتهم فيها رئيس الوزراء السابق وبعض النواب السابقين، والتي تطورت لاحقا لتفجّر فضيحة "الإيداعات والتحويلات المليوينة" التي هزت الرأي العام.

Ad

لقد قام النائب السابق المسلم بذلك أثناء انعقاد جلسة مجلس الأمة وبوجود الحكومة وعدم اعتراضها، بل تحديها له بكشف المعلومات التي لديه، وهو ما شاهدناه جميعا بعد البث التلفزيوني لوقائع الجلسة، لكن الأمور على ما يبدو تطورت لاحقا بعد انفضاح أمر الرشوة السياسية واتساع نطاقها.

وفي هذا السياق فإن المعلومات التي ذكرها أخيرا مدير فرع البنك الذي برأته المحكمة تعتبر معلومات خطيرة جدا تؤكد، إن صحت، استهداف النائب السابق د. المسلم سياسيا بسبب قيامه بدوره الدستوري، خصوصا أن الجميع يعرف تماما أن الحكومة هي التي كانت وراء رفع الحصانة البرلمانية عنه بعد أن عطلت عدة جلسات، إحداها كانت جلسة خاصة، ما ترتب عليه انتهاء المدة القانونية للرد على طلب رفع الحصانة، والتي رفعت بعدها تلقائيا كما حصل بالفعل في قضية د. المسلم، وهو ما يعتبر سابقة في التعدي الصارخ على المادتين 108 و110 من الدستور، وهو الأمر الذي سيقلص بشكل كبير جدا من الصلاحيات الدستورية للنائب، وسيحول مجلس الأمة إلى مجلس صوري شبيه بمجالس الشورى في دول مجلس التعاون.

كما أنه واهم أيضا من يظن أن هناك حكما قضائيا بشطب اسم د. فيصل المسلم من قائمة المرشحين، حيث إن الحكم القضائي لم يدنه بقضية تمس الشرف والأمانة وتمنع ترشحه لمجلس الأمة، ناهيكم عن أن حكم المحكمة بحد ذاته لا يقرر شطب اسم أي مرشح، بل إن من يقرر ذلك هو وزير الداخلية بعد اطلاعه على توصية لجنة داخلية تابعة له بغض النظر عن تركيبة هذه اللجنة، وهذا يعني أن الحكومة ممثلة بوزارة الداخلية هي من يقرر شطب مرشح ما لمجلس الأمة مع ما في ذلك من تعارض لنص المادة 50 من الدستور التي توجب الفصل بين السلطات!

وحيث إن الشيء بالشيء يذكر فإن الحكومة في المجلس السابق قد صوتت مع الإبقاء على عضوية النائب السابق والمرشح الحالي خلف دميثير الذي يعتبر من مؤيدي الحكومة، رغم أنه قد أدين من المحكمة بقضية تزوير في اكتتاب بنك بوبيان، وهي قضية تتعلق بالأمانة التي تعتبر أحد الشروط الواجب توافرها في الناخب (بحسب قانون الانتخاب يجب أن تتوافر في المرشح (النائب لاحقا) الشروط الواجب توافرها في الناخب).

خلاصة القول إن قرار شطب اسم النائب السابق والمرشح الحالي د. فيصل المسلم لا علاقة له مباشرة بحكم المحكمة، بل إنه قرار سياسي كانت مقدماته وحيثياته واضحة وضوح الشمس في رابعة النهار؛ نتيجة لممارسة النائب السابق الذي كان معارضا شرسا لدوره البرلماني وصلاحياته الدستورية، وهذا ما يجب أن نتوقف جميعا أمامه.