الربيع العربي والمساحات الخضراء
الاختلاف في الرأي ظاهرة صحية، وتداول الفكر والحوار حوله أمر جيد، لكن الخلاف بين فئات الشعب على مكاسب خاصة ومحاولة كل مجموعة إقصاء الأخرى أمر ضار وغير مقبول، ولو حاول محايد متابعة ما تكتبه الصحف، سواء في افتتاحياتها أو مقالات كتابها لوجد الأمر يتعدى حدود الاختلاف إلى الخلاف. أعاد الربيع العربي إلى الشعوب بعض حريتها، ونبه الحكام والأنظمة إلى ضرورة تقليص الخطوط الحمراء، وزيادة المساحات الخضراء في النقاش والحوار والاستماع إلى رأي الشعب، فقبل الربيع كادت الخطوط الحمراء تتسع لتغطي كامل الصفحة، ولكنها بدأت الآن في التباعد شيئا فشيئا، ونتمنى أن تختفي تماما لكن، "ليس كل ما يتمنى المرء يدركه".
وسنحاول الحديث بإيجاز بين هذه الخطوط دون ملامستها كي لا نقع في المحظور التزاما بالقاعدة الفقهية التي تدعو إلى ترك الأمور المشتبهات.ونبدأ من هنا من الكويت ونتساءل بحب وتقدير: إلى أين تسير الكويت؟ بالتأكيد "أهل مكة أدرى بشعابها"، والصحف الكويتية تمتلئ بالآراء والمقالات التي تحلل وتشرح كل شيء، ولكن بنظرة محايد نظرة محب ومقدر... نظرة بلا منافع شخصية ولا مكاسب ذاتية نعيد السؤال: هل حقا الأمر- كما يؤكد الجميع- اختلاف بين أفراد الحكم؟ أم أنه خلاف بين فئات من الشعب ترفض الآخر وتسعى إلى إقصائه وتتخفى وراء أشخاص؟الاختلاف في الرأي ظاهرة صحية، وتداول الفكر والحوار حوله أمر جيد، لكن الخلاف بين فئات الشعب على مكاسب خاصة ومحاولة كل مجموعة إقصاء الأخرى أمر ضار وغير مقبول، ولو حاول محايد متابعة ما تكتبه الصحف، سواء في افتتاحياتها أو مقالات كتابها لوجد الأمر يتعدى حدود الاختلاف إلى الخلاف، فهل هذا ما يريده الشعب فعلا؟ والغريب أن تعتمد الأطراف على قاعدة معلومات متناقضة، وكل يدعي صدقها وكل يدعي وصلا بليلى وليلى في الكويت مريضة. هل يمكن اعتبار حادثة الطفل الذي تم فصله- تم إلغاء القرار فيما بعد- نموذجا للتساؤل إلى أين تسير الكويت؟ الأكيد أن الحادثة لا علاقة لها بأفراد الحكم ولا تمثل السياسة الكويتية التي تؤمن بالحريات، لكن ما يقلق أنها بدت تمثل فكرا جماعيا لفئة من الشعب ترفض الآخر، والأعجب أن القرار جاء من مؤسسة تربوية جاء الطفل إليها ليتعلم!! لهذا لا يمكن اعتبار ما جرى حادثا فرديا أو سلوكا شخصيا، فلو كان كذلك لعاقبته معلمته مباشرة، أما أن هناك معلمة ومديرة مدرسة ووكيل إدارة و... و... فلا يكون إلا فكرا وسلوكا جماعيا.وعودة إلى الربيع العربي الذي انتهى سريعا قبل حلول الربيع الجغرافي فقد انتهت ثورتا مصر وتونس "الوردتان الوحيدتان" قبل مجيئه، بينما تحولت باقي الورود إلى أزهار شوكية تدمي الأيادي وتجرح القلوب... فأين الخطأ؟ بالتأكيد ليس في ثورة الشعوب ضد الظلم والطغيان كما أنه ليس في الحب الغريزي للسلطة ومحاولات الحكام التشبث بالكرسي– فهذا حدث أيضا في مصر وتونس- لكنه في الموقف العربي والدولي المتناقض تماما. فتارة يؤيد الثوار وأخرى يصمهم بالعمالة للأجنبي... فيدعو الحاكم إلى الرحيل هنا ويسعى إلى تثبيت الكرسي هناك... ويسعى إلى نجدة الشعوب مرة ويعمي بصره مرات، فهل يمكن الحديث هنا عن مبدأ أو قيمة أو ديمقراطية أو حق من حقوق الإنسان أم أن الحديث يقتصر فقط على المصالح والمكاسب؟ وإن كان هذا يمكن تفهمه دوليا فهل يمكن تقبله عربيا؟ لا أعتقد.وأتمنى ألا أكون لامست أي خط أحمر ومازلت في المساحة الخضراء.كتاب الجريدة يردون على تعليقات القراءيمكنك متابعة الكاتب عبر الـ RSS عن طريق الرابط على الجانب الايمن أعلى المقالات السابقة