محمد الويس ... من فن المونولوج إلى التقديم الإعلامي
محمد الويس من جيل فناني المونولوج الذين ظهروا في الستينيات، ويعتبر رائداًً في هذا الفن وله رصيد كبير أداءً ولحناً وتأليفاً. اشتهر بمونولوجات أبرزها: «شيللي قشج»، «ضاع الديك»، «الدنيا مظاهر»، «يا ساتر من هل المواتر»... اختلط مع فناني الرعيل الأول من شعراء وملحنين ما ساعده في الحفاظ على مستوى رفيع في المونولوجات التي قدّمها على امتداد مشواره الفني الطويل، فاعتُبر بحقّ أحد أفضل من غنى هذا الفن في الكويت.إلى جانب المونولوج، محمد الويس هو إعلامي ومخرج تلفزيوني، أخرج برامج وسهرات منوعة، وقدّم برامج مسابقات وبرامج هواة... وقد أكسبته خبرته في فن المونولوج دراية في الجوانب النفسية لمتطلّبات العمل التلفزيوني المنوّع، وهو أحد أقدم مخرجي المنوعات في التلفزيون وتقلّد مراكز كثيرة في عمله.
بدايات...اسمه الحقيقي حمود محمد الظفيري، أما محمد الويس فعُرف به لاعباً لكرة القدم في نادي السالمية الرياضي ومخرجاً للمنوعات في التلفزيون ومقدماً ناجحاً للبرامج في الإذاعة الكويتية ورائداً في مجال المونولوج.من مواليد 1950، تخرّج في القاهرة (1981 - 1982)، وحصل على بكالوريوس إدارة أعمال مبعوثاً من وزارة الأعلام ودبلوم عالٍ من أكاديمية الفنون - المعهد العالي للفنون الموسيقية، ودبلوم إنتاج وإخراج من تلفزيون لندن.عند عودته إلى الوطن عُيّن مساعد مخرج ومن ثم عُيّن مخرجاً وتقلّد مراكز حتى أصبح مديراً لإدارة التشغيل والتنفيذ والمتابعة في القناة «الثالثة» الرياضية، وهو أرفع منصب إداري وصل إليه، ومن ثم عمل مستشاراً في وزارة الأعلام. راهناً هو متقاعد ويمارس نشاطه الفني كمقدم لبرامج المسابقات والمنوعات، متزوج ولديه من الأبناء أربعة: عبدالله وعبد العزيز و حنان وجيهان.في المرحلة الابتدائية في مدرسة السالمية ظهرت لديه موهبة المونولوج، وكان يقدّمه في الصيف في نادي الرازي ومخيمات الكشافة مع فرقة موسيقية تتكوّن من عناصر شبابية من بينها: عبدالرحمن السريع وحمدان السريع، وهما بعيدان راهناً عن الفن، لذا اتخذ من كلمة «السريع» إسماً لهذه الفرقة.اسم «الويس»في مرحلة الطفولة أطلق أحد الأساتذة على الظفيري اسم والده محمد، أما الويس فهو اسم مهندس ومكتشف للحشرات مشهور ويشبه الظفيري في ملامحه وطول القامة... ففي أثناء مشاركته في إحدى مباريات الأندية التي كان يلعب فيها حارس مرمى، شاهده أحد المدربين ويدعى فتحي وأراد أن يطلبه فلم يعرف اسمه، فقال لأحد أصدقائه المقربين: «في الفريق شاب يشبه المهندس مكتشف الحشرات» كان اسمه الويس... ومنذ ذلك الوقت أخذ الناس ينادونه «محمد الويس».في مخيمات الكشافةفي بداية الستينيات، شارك الويس في الأنشطة المدرسية وفي أنشطة مخيمات الكشافة، وقدّم محاولات غنائية في الحفلة الختامية لمخيّم الكشافة التي أقيمت في رعاية الشيخ الراحل عبدالله الجابر الصباح، وزير التربية آنذاك (1967)، غنى فيها أغنيتين بمرافقة فرقة موسيقية تضم زملاءه: الأولى «مدريولك قد الحافك»، يقول في مطلعها:مــدريــــولـــك قــــــــد الـحـــــــــافــــــــــكلا تـطــالـــــــع غـيـــــــــرك تتـعــــــــــــــبهـــذا وذاك مـــــــا يـفــيــــــــــدونــــــــــكقــــد افـلـــــــــوسـك أكـــل واشـــــــربوالأغنية الثانية:يــاللــي تــخـــــــــطـــب مــــن بـــــــــــــــــرهبـنـــات بــــــــــــلادك أحســــــن لـــــــــــكفي نهاية الحفلة نال الويس ميدالية على شكل مفتاح صول و100 دينار (كانت هذه الهدية قيّمة آنذاك)، لأدائه الطيّب في فقرته الغنائية، وتبناه المرحوم الشيخ عبدالله الجابر الصباح، رحمة الله عليه، وطلب من المسؤولين في الإذاعة الكويتية أن يتيحوا له فرصة تسجيل أغنياته في ستوديو الموسيقى مع الفرقة الموسيقية في الإذاعة.فعلاً سجّل الويس، وكان في الثامنة عشرة من عمره، مونولوجات في ستوديو في الإذاعة (1968)، ومن ثم صوّرها في التلفزيون، من بينها: «مدريولك»، «عجايب يا دهر»، «شيلي قشج»، وقد شارك في الأخير الفنان الراحل عبدالعزيز النمش، الذي كان وراء انتشاره وشهرته، ويعتبر بحقّ أحد أشهر المونولوجات التي قدمت في تاريخ الحركة الغنائية الكويتية الحديثة، وقد اشترته إحدى الشركات الفنية وطبعته على أسطوانات وما زال يذاع لغاية اليوم.كان المونولوج بالنسبة إلى الويس مجرد هواية، ومع أنه كان له لونه الخاص إلا إنه تقمّص شخصية الفنان عبدالجبار مزعل، وأحد الذين وقفوا معه في مسيرته الغنائية الفنان الشاعر يوسف الشراح الذي كتب له مونولوجات كثيرة.يا طوير هنديفي أوائل السبعينيات حدثت نقلة في مسيرة الويس عندما تعاون مع الفنان القدير الراحل عبدالرحمن البعيجان، أحد أهم الملحنين الكويتيين الذين خدموا الأغنية الكويتية المطورة في شتى أنواعها ومجالاتها، وذلك في مونولوج «يا طوير هندي» كلمات الشاعر الغنائي محمد محروس، يقول في مطلعه:يــا طــويــر هـنــدي عنــدك مـا عـنــديعنـــدك سيـــــــارة فيهـــا الخســــــــــارةيــــا طـــويــــــر هــنــدي عـنـــدك مــا عـنــــــديدوبـــــــــي أنـــــــا دوبــــــــي يـــــا نـــــاسأشــــيـــــــــل واحــــــــط فـيــهــــــاخــــــــذت مـــــا فــــــــــي جـــيـــــوبـــــــيوهــــــــــم مـــــــــا يـــكـفـــيـــــــهـــــــــــادوبــــــــــــي أنـــــــــا أحـــــــــط فــيــــهـــــــامشاركة في حفلات عامةبعد تقديم مونولوجات جميلة في الإذاعة والتلفزيون حقّقت له قاعدة جماهيرية كبيرة وشهرة فنية واسعة، بدأ الفنان محمد الويس يأخذ طريقه إلى الحفلات العامة داخل الكويت وخارجها ويقف مباشرة أمام الجمهور الذي تعامل مع المونولوج تماماً كما يتعامل مع الطرب، وهذه من دون شكّ خطوة تعني الكثير بالنسبة إلى دور المونولوج وأهميته في المجتمع الكويتي.أول حفلة غنائية شارك فيها محمد الويس كانت حفلة خيرية أقامتها لولوه القطامي في أوائل السبعينيات على خشبة مسرح الأندلس، وشارك فيها من الكويت عبدالمحسن المهنا وليلى عبدالعزيز، من مصر الفنانة القديرة نجاة الصغيرة، وكانت أمنية محمد الويس أن يغني في حضور فنانة كبيرة مثل نجاة الصغيرة، ولم يتعدَّ رصيده آنذاك أغنيات ست.كانت الصالة تعجّ بالحضور وهذا أمر كان كبيراً بالنسبة إلى الويس، فشعر في بداية ظهوره بالرهبة وظلّ يرتجف لفترة وعندما صفق له الجمهور واستقبله بحفاوة وحب ارتاح باله، وبعد انتهاء فقرته بكى تأثراً فعانقه الفنان عبدالمحسن المهنا وخفّف من تأثره وأثنى على المستوى الذي ظهر فيه.بعد ذلك شارك الويس في الحفلة الغنائية التي أقامها نادي «اليرموك» الرياضي بعد نيله كأس الأمير» وقدّم فيها أغنية خاصة في المناسبة، من كلمات الشاعر الغنائي يوسف ناصر، ألحان محمد الويس وغنائه، يقول فيها:رحـــت اســـــأل يـــالـــربــع شنهـــو الخبـــرشنـهــي هـالـزينــةاللـي تطــري بالبحـرقالوا لي كاس الأميرطار ببساط الحريرشللـــــــوا فيـــه اللواعيــب الســمــــــــــــــــــرأما أول رحلة خارجية له فكانت إلى سلطنة عمان للمشاركة في عيد جلوس السلطان قابوس مع فناني الكويت من بينهم: مصطفى أحمد، الفنانة الراحلة عايشة المرطة، الراحل محمد زويد من البحرين، عادل مأمون من مصر، أبو بكر سالم من السعودية، كذلك شارك في تقديم مونولوجات في القاهرة. مع الملحّن مصطفى العوضيكانت للفنان القدير الملحّن مصطفى العوضي تجربة في تلحين المونولوجات فغنى محمد الويس أكثر من مونولوج من ألحانه، وساعدت الصداقة الوثيقة التي تجمعهما وامتدت سنوات على تميّز هذه الأعمال، أبرزها: «يا كويت» في نهاية الستينيات وهي أغنية وطنية، «أهلي والنبي أهلي» في أوائل السبعينيات وهي أغنية رياضية شارك معه في الغناء المطرب يحيى أحمد، «البمبره» (1975) من كلمات الشاعر الغنائي يوسف ناصر، «درب السلامة» (1976) مونولوج عن المرور ويتحدث عن التعاون بين رجل الشرطة والمواطن لسلامة الجميع، من كلمات الشاعر الغنائي يوسف ناصر... صُورت هذه المونولوجات تلفزيونياً وقدّمها الويس في حفلات عامة أقيمت في تلك الفترة.غنى للوطن...غنى محمد الويس للموضة: «ديكي ضاع»، «سمعوا هالقصة»، «غلاء المهور»، «يا ساتر من السرعة»، «الدنيا مظاهر»، «السيجارة»، «لا يغرك شراعه»، وأغنية عن فلسطين وكانت مشتركة مع أصوات عربية قال فيها:فلسطيـــن يــا شبــــــاب الفـــــــــــدافلسـطيـن نادت فلبوا النـداءشباب الفـــدا يا شباب الفــــداخلال مشواره الغنائي، قدّم الويس للإذاعة والتلفزيون حوالى 135 أغنية ومونولوجاً و65 لحناً، وطبعت أربع أغنيات على أسطوانات لشركتَي «يوسف فون» و{بوزيدفون».على رغم أن السبعينيات شهدت قلّة في أعماله الغنائية إلا أنها تميّزت باختيارات جيدة في الألحان والكلمات وشارك الويس في أعمال وطنية، ومن الأغنيات التي قدمها: «درب الكفاح» من ألحانه وكلمات عبدالخضر عباس، يقول فيها:حـطـــــم جـــيـــــوش المـعــتديــــــــــنيــا جـيشـنــــا الحـــر الحــصيــــــــــــناليـــوم يـــومـــك يـــا بــطــــــــــــــــــــــلحــقـــق أمــــانــــــــي النــازحــــــيــــــــــــنعام 1974 سجّل الويس مونولوج «أشكال وألوان» من تأليفه وألحان المرحوم حمدي الحريري، وفي عام 1975 سجّل أغنيتين: «طارت الطيارة» من كلمات عبداللطيف البناي وألحان يوسف المهنا، وهي أحد أفضل أعماله في تلك الفترة، «راحة البال» من كلمات سليمان المرداس وألحان عبدالله بوغيث. وفي عام 1978 سجّل مونولوج «يا المشتقي» من كلمات الراحل عبدالأمير عيسى وألحان راشد سلطان، يقول في مطلعه:يــــــا المشتـقــــــــي وطـبـعــــــــــــانفـــــي بـحـــــــــــر الــــــحـــــــــــــزنيــــــا المشــــتقــــــي ودايـــــــــــــــــممـــــن الـــدنـــيــــــــــا تــحــــــــــــــنأزرع فـــــــــــــــــــــــــــــرحواحصـد مـــــــــــــــرحوكحــل جـفــونـــك بــالــوســــنكذلك تعاون الويس مع الفنان القدير غنام الديكان في أكثر من عمل فني آخره تلحين مقدمة برنامج «عندي غطاوي»، الشاعر عبدالرحمن النجار في أغنية «سمعوا هالقصة» وغيرها، الملحن الراحل خالد الزايد في مونولوج «شاي الضحى» وغيره، الملحن يوسف المهنا في مونولوج «طارت الطيارة» وغيره.آخر عمل فني له كان مع المرحوم الفنان الملحن مرزوق المرزوق في حفلة نظّمها التلفزيون للرئيس الفرنسي.رحلته مع التلحينمع أن غالبية المونولوجات التي غناها ليست من ألحانه إلا أن الويس لحّن مونولوجات لفنانين آخرين، من بينهم: الفنان البحريني باسط البوسطه، المرحوم عبدالمجيد عبدالقادر في مونولوج «يا قلبي حب الليل»، وقد جاءت هذه التجارب في السنوات الأخيرة من مشواره مع المونولوج.عندما وجد الويس أن هذا الفن فقد دوره في الحياة توقّف عن العطاء، وقد عبّر عن ذلك بقوله: «للأسف ثمة من استغلّ المونولوج بطريقة غير سليمة وابتعد عن الأهداف الرئيسة وأصبح مغني المونولوج مثل الأراجوز، لهذا احترمت فني وملفاتي القديمة وابتعدت عن الساحة وعن هذه المونولوجات».الإخراج التلفزيونيشهد عام 1970 خوض الويس مجال التلفزيون كمخرج منوعات، وتخلل مسيرته تقديم أعمال كثيرة منها: «عالم السينما»، «سهرات منوعة»، «مجلة التلفزيون»، «لقاء الخميس»، «أنتم والمنوعات»، تغطية الاحتفالات الرسمية، بالإضافة إلى برامج توثيقية من بينها: برنامج عن جزيرة فيلكا وآخر عن الرواد الأوائل في دولة الكويت...من أبرز المذيعات اللواتي تعامل الويس معهن كمخرج تلفزيوني: أمينة الشراح، هدى المهتدي الريس، أمل عبدالله، ودولت شوقي.في السنوات الأخيرة ابتعد الويس عن الإخراج التلفزيوني وفضّل العمل في إعداد البرامج وتقديمها فقدّم برنامج المسابقات: «غطاوي 2000»، «غطاوي 2001» و2002 و2003، شاركت معه التقديم المذيعتان: حليمة بولند وورود والممثلة زينب العسكري، بالإضافة إلى برنامج «هنا الكويت» من إعداده وسهرة منوعة عن الدكتورة رتيبة الحفني.في الإذاعة أعدّ الويس برامج كثيرة وقدّمها من بينها: «نجوم على الطريق» في محطة FM من إخراج فيصل المسفر، «البشتخته» من إخراج رباح الرباح، «الدروازة»، «ليالي الديرة»، «عتيج الصوف»، «ضيوف الرحمة»...في أيام الاحتلال قدّم الويس في دولة الإمارات العربية المتحدة البرنامج الإذاعي «رسالتي»... وبعد التحرير كان له دور كبير في دعم مسيرة التلفزيون وجال على محطات دول مجلس التعاون الخليجي في دبي وأبو ظبي وقطر وسلطنة عمان، كانت حصيلة هذه الجولة جلب أشرطة فقدها تلفزيون الكويت تقدَّر بحوالي خمسة آلاف شريط. ضمن حركة التدوير التي اتخذتها وزارة الأعلام عُيّن الويس مديراً لـ{القناة الثالثة» (الرياضية).تكريمكُرم الويس في أكثر من مناسبة وآخر تكريم له كان في «مهرجان القاهرة الدولي للتلفزيون والإذاعة» (2009).من أقواله- في اعتقادي أن الكويت صورة مصغّرة عن مصر في ما يخصّ الحركة الفنية، باعتبار أن مصر هي موطن الفنون في الوطن العربي، وغالبية المطربين الخليجيين كانت انطلاقتهم الأولى في الكويت بشهادة الجميع، من هنا أصبحت الكويت منارة الفن الخليجي، وبالطبع التلفزيون الكويتي مرآة صادقة لهذا النشاط الفني.- أحد مقومات الفنان أن يكون محافظاً على نفسه قدر المستطاع كي لا يكون رخيصاً ويسهل النيل منه.- الشهرة يدفع ثمنها الفنان غالياً لأنها تحرمه من أمور كثيرة.- الكويت منبع الفن في السابق والحاضر وما زالت الطاقات الفنية تخرج منها... كانت الحركة الغنائية مزدهرة وغنية جداً بالمواهب... وثمة اهتمام ورعاية من المسؤولين في هذا المجال في الإذاعة والتلفزيون.- جهاز التلفزيون هو كل شيء في حياتنا... أحياناً ننام في بعض المكاتب الموجودة ولا نهتم بالماديات بقدر حبنا لهذا الجهاز الإعلامي.- على مخرج المنوعات أن يدرس الموسيقى وإن لم يدرس يجب أن تكون عنده خلفية موسيقية وإن لم تكن يجب أن يكون متذوقاً فنياً للموسيقى.- لم يطلب منك أن تلبس لباس مهرِّج وتظهر أمام الناس وأن تشوِّه نفسك وتلبس لباس امرأة لكي تعمل مونولوجاً.- لا أؤمن بإعادة تسجيل الأغنيات القديمة من جديد بأصوات أخرى.