الصراع على سورية... من المسؤول؟!

نشر في 08-02-2012
آخر تحديث 08-02-2012 | 00:01
No Image Caption
 صالح القلاب كما بدأت الانتفاضة السورية حركة احتجاج سلمية كذلك فإنها بدأت مسألة داخلية لا علاقة لها بأي بُعْدٍ إقليمي أو دولي، لكن كما أن إصرار النظام السوري على استخدام العنف والمزيد من العنف قد حولها مع الوقت إلى مواجهة عسكرية يلعب فيها "الجيش الحر" الدور الرئيسي وشبه الوحيد، فإن التدخل الروسي السافر وإرسال قطع حربية استراتيجية لترابط في ميناء طرطوس واتخاذ هذا الموقف المستغرب الذي شاركتها فيه الصين في مجلس الأمن، أمور أعطت الوضع في هذه الدولة صفة الصراع الدولي عليها، على غرار ما كان في نهايات أربعينيات وكل خمسينيات القرن الماضي.

كانت كل الانقلابات العسكرية، التي بدأها حسني الزعيم في عام 1948 ثم تلاحقت حتى الوصول إلى انقلاب مارس 1963 الذي نفذه حزب البعث ضد نظام مجموعة الانفصاليين التي أسقطت الوحدة المصرية - السورية، ثم انقلاب حافظ الأسد في نوفمبر 1970، تجسيداً لصراع دولي بين دول الاستعمار القديم والولايات المتحدة، وهو صراع شمل دولاً عربية أخرى مثل العراق واليمن والسودان وبعض دول شمالي إفريقيا.

لم يتوقف الصراع على سورية إطلاقاً، رغم أنها دخلت فترة استقرار في عهد حافظ الأسد، فالولايات المتحدة بقيت تسعى إلى الحد من نفوذ الاتحاد في هذه الدولة المركزية فعلاً والمحورية حقاً، والذي بلغ ذروته بعد حركة فبراير عام 1966 التي قادها نوري الدين الأتاسي وصلاح جديد ويوسف زعين وإبراهيم ماخوس ومحمد عيد عشاوي، وفي المقابل فإن موسكو السوفياتية واصلت التمسك بهذا المركز المتوسطي الحيوي، حتى في الفترة التي انفتح فيها حافظ الأسد على الغرب وعلى الولايات المتحدة، وإقليمياً على الدول العربية المحافظة التي كانت تحسب على المعسكر الغربي الذي تقوده أميركا.

وفي سياق هذا كله، فقد أعطى بروز إيران الخمينية في المنطقة بعد عام 1979 بعداً إقليمياً لهذا الصراع تجسد في عمليات الاصطفاف الإقليمي والدولي بالنسبة للحرب العراقية- الإيرانية، التي ما إن توقفت حتى أعطى صدام حسين لهذه المواجهة جرعة قوية جداً باحتلال الكويت، وما ترتب على هذا الاحتلال الذي استدرج كل هذه القوى الأجنبية الغربية إلى المنطقة، والذي مكن إيران، بما ترتب عليه إقليمياً، من احتواء سورية، ومن إقامة رؤوس جسور لنفوذها في لبنان من خلال "حزب الله" وفي غزة من خلال حركة "حماس"، وبالتالي الهيمنة على العراق، كما هو واقع الحال في الفترة الحالية.

والآن وقد تجدد الصراع على سورية في هيئة هذه المواجهة السياسية والدبلوماسية التي ستتخذ الطابع العسكري إن بقيت الأمور تسير في هذا الاتجاه الذي تسير فيه، بين الولايات المتحدة والغرب عموماً ومعظم الدول العربية من جهة وبين روسيا ومعها إيران وبعض المؤلفة قلوبهم من العرب، فإن هذا النظام، أي نظام بشار الأسد، هو الذي يتحمل المسؤولية كاملة، فهو الذي بدأ منذ اللحظة الأولى باستخدام القوة المفرطة، وهو الذي شرع الأبواب السورية على مصاريعها منذ البدايات لتدخل الروس والإيرانيين عسكرياً، وهو الذي بقي يسد آذانه ويغلق عيونه إزاء كل محاولات إبقاء هذه الأزمة في الإطار العربي، ومنعها من أن تتحول إلى أزمة إقليمية ودولية.

back to top