لم يعد ممكناً في الكويت مواجهة الانهيارات المتتالية في الأداء السياسي بعمليات الترقيع والتجميل التي اعتدناها خلال الـ25 سنة الماضية، وخصوصاً بعد زلازل الفساد المتتالية، والفشل الإداري لأجهزة الدولة وتفشي التمرد الوظيفي عبر الإضرابات وسوء الخدمات المقدمة للمواطنين، فالبلد يضيع من بين أيدينا ويذهب إلى المجهول، والذي سيمثل خطورة وبدون مبالغة قد تهدد بقاءنا كدولة كما توقع بعض خبراء السياسة الدولية والدبلوماسيين المحنكين.

Ad

الكويت في حاجة إلى مشروع إنقاذ وطني كبير لا يرتكز فقط على تغيير الأسماء في إحدى السلطات الدستورية وترك البقية على وضعها، مشروع الإنقاذ مطلوب منه أن يجدد الثقة أساساً في مجلس الأمة الذي يمثل منبع السلطات المستمدة من الشعب عبر حله على الفور والرجوع إلى الشارع لاختيار ممثلين جدد لاستكمال تنفيذ المشروع الجديد، والذي يجب أن يبتعد فيه عن المشهد البرلماني كل من دارت حولهم الشبهات في المجلس الحالي، وتسببوا في ما نعيشه اليوم من أزمة تكبر كل يوم منذ سنوات، لتعصف قريباً بالكيان الذي نعيش في ذراه ويمثل مستقبلنا ومستقبل أبنائنا إن لم يتم تدارك تلك الأزمة، لذلك فإنه دون قرار كبير بتطهير الحياة السياسية والأوساط القيادية القائمة على إدارة شؤون الدولة فإننا مقبلون على كارثة –لا سمح الله- لا نعرف مدى سوء نتائجها.

***

أعجبتني جملة طريفة انتشرت خلال الأيام القليلة الماضية في مواقع الإنترنت تقول «إن العلماء يتنبأون بدمار وزوال الجزر اليابانية بسبب الزلازل والتسونامي... ويطلبون من الدول التي تريد استضافة أعداد من الشعب الياباني ومنحهم جنسيتها أن تعلن الأعداد التي تريد استضافتها»! ضحكت كثيراً على هذه الطرفة ولكنني فكرت لو أن الأمر جاد لكان علينا في الكويت أن نكون أول من يتقدم لاستضافة اليابانيين وتجنيسهم حتى نحل مشاكلنا المزمنة ولنجد بدائل لبعض القائمين على مؤسساتنا التي يديرها قياديون منذ أكثر من 30 عاماً حتى تكلست وبدأت تصل إلى مراحل متقدمة من الشيخوخة... وأصبحت أحد أوجه الفشل الذي يهدد البلد بعد أن وزعت المناصب كغنائم وحصص فيها، ولذلك فإن أول متطلبات المشروع الوطني للإنقاذ هو تجديد قيادات تلك المؤسسات والأجهزة وفقاً لأشخاص يحملون خططاً لتحديثها، وليس لأسماء تمثل صفقات سياسية وأداء واجبات اجتماعية، وعلى السلطة أن تتساءل كيف سيكون مشروع الإنقاذ الوطني دون تحديث أجهزة الدولة القائمة على أسماء شبه دائمة كما هي الحال في التأمينات الاجتماعية ومؤسسة الرعاية السكنية وعشرات من مؤسسات ومرافق الدولة الأخرى.

***

تلقيت اتصالاً من أمين عام الحركة الدستورية (حدس) د. ناصر الصانع في أعقاب مقالتي الأخيرة التي تناولت فيها واقعة تقديم نواب حدس في مجلس الأمة 2008 لبيان ذمتهم المالية إلى رئيس مجلس الأمة، وأثر ذلك على تعطيل إنجاز قانون كشف الذمة المالية، وأوضح الصانع أنه أحد من صاغ قانون كشف الذمة المالية وتقديمه في مجلسي الأمة 1992 و1996، ورغم حدة نبرة الأخ الصانع في مكالمته فإنني راعيت المعرفة العملية التي امتدت معه منذ أكثر من 20 عاماً، ووجدت من الإنصاف والأمانة المهنية أن أنشر التوضيح السابق له، رغم أن ما ذكرته في المقالة السابقة كان مثالاً يوضح عدم جدوى العمل الفردي في معالجة قضايا الفساد وتكريس النزاهة والشفافية في العمل السياسي.