منظور آخر: الجوع حتى الموت والشبع حتى الموت

نشر في 08-07-2011
آخر تحديث 08-07-2011 | 00:01
No Image Caption
 أروى الوقيان اعتدنا أن نرى الطعام في كل تجمع وكل مكان حتى أصبح تقديم الطعام نوعاً من أنواع المكافأة، فمن يحصل على ترقية نحتفي به بإفطار معتبر، ومن يحتفل بأي مناسبة نستقبله بالكيك والحلويات، وهكذا باتت مناسباتنا كلها عبارة عن أصناف متنوعة وكبيرة من الطعام، وإن لم يتم الموضوع بهذه الطريقة نحزن ونتهم الآخرين بالبخل... لكن مع كل أسف أغلب هذا الطعام الذي يتبقى منه الكثير، نحضره للتباهي بكرمنا!

لم أكن لأشعر بأنه وضع غير طبيعي إلى أن قرأت دراسة تفيد بأن 10 ملايين شخص يموتون سنوياً بسبب الجوع، من بينهم طفل يموت كل خمس ثوان بمعدل 16 ألفاً كل يوم.

قد لا نعرف ما مدى معاناة الآخرين مع الجوع لأن بطوننا اعتادت الشبع، وربما اعتاد البعض الأكل بشراهة في حين أن هناك من يتضورون جوعاً يومياً، وهو ما تؤكده دراسات يعود تاريخها إلى القرن الثامن عشر حين توصل عالم الاقتصاد والسكان المخضرم توماس روبرت مالثوس إلى شرح أسباب حدوث الفجوات الغذائية، وعزاها إلى تفوق معدلات إنجاب البشر على قدرة الأرض على إنتاج الغذاء اللازم لاستمرار الحياة.

أما هنا، فنحن في غفلة عمّا قد نتسبب فيه من مشاكل تمعن في الإخلال بالتركيبة السكانية، حيث يعتبر الكثير من فقراء العرب أن إنجاب أكبر عدد من الأبناء يساعد في حرث الأرض والزراعة والقيام بأعمال البناء، مستخدمين أطفالهم وسيلة للكسب، وهذا تخلف قد يعود على البشرية بأضرار جسيمة ناهيك عن وأد أحلام هذا الطفل بأن يكون له مستقبل واعد.

صحيح أن الإنجاب هو حلم كل رب وربة أسرة، لكن يجب أن يشعروا بمدى مسؤولية الاهتمام بروح ستعيش على الأرض لها احتياجاتها المادية والنفسية والمعنوية وكيفية توفير متطلباتها على النحو اللائق. لكن مع كل أسف تشير الدراسات إلى أن الزيادة التي حدثت في أعداد السكان في العالم في الـ 50 عاما الأخيرة تمثل زيادة غير مسبوقة في تاريخ الإنسانية، والمخيف في هذه الزيادة أن سوء التغذية ومشاكل الجوع ستنتشر بالعالم مسببة الأمراض وستؤدى إلى ارتفاع معدلات الوفاة في الدول الفقيرة.

ويطلق برنامج الأمم المتحدة للغذاء تحذيره المدوي الذي لم يلتفت إليه كثيرون بأن عالم اليوم بات يغص بأعداد هائلة من الجوعى أكثر من أي وقت مضى، حيث أدى تزايد أسعار الغذاء إلى اتساع خارطة الجوع في العالم، والمخيف أن التقارير تؤكد أن الأسوأ لم يأت بعد، وما يحدث الآن مجرد إنذار... فكم هو مؤلم أن يموت نحو ألف شخص يومياً من الجوع في كل ساعة في حين تمتلئ قمامتنا بكثير من الطعام لو وزع في العالم لأوجد حلاً لمشكلة الجوع عالمياً ولفاض الطعام!

قفلة

البطالة، وتداعيات الأزمة الاقتصادية، والحروب، والثورات، واستمرار الزيادة السكانية والإنجاب رغم مشاكل الفقر، كل هذه من مسببات ارتفاع أعداد الجياع في العالم، ونحتاج لمواجهة هذه القضية إلى حملة توعية كبيرة على مستوى الدول النامية التي تعتبر الدول "الأكثر معاناة" من مشكلة الجوع.

ونحتاج نحن أن نشعر قليلاً بمعاناة غيرنا، وأن نساعدهم ولو بالقليل، حيث لا يوجد ما هو أقسى من أن ينام شخص على جوع ويصحو على جوع ويموت بسببه، في حين نموت شبعاً كل يوم!

back to top