الكويت للبيع
ألا أونا ألا دوي ألا تري... مين يزود مين يشتري؟هكذا يعرض نواب السلاطين أنفسهم في سوق مزاد بيع الكويت... وهم من خدعوا الشعب بشعاراتهم الانتخابية البراقة مثل "الكويت أمانة" و"لا للفساد" وغيرهما من شعارات التدليس والتضليل... الفساد في الكويت هو عفن ينخر جسد المجتمع، ينمو ويترعرع في بيئة ملوثة تعيد إنتاج ذاتها، بدءاً من شراء الأصوات الانتخابية التي أدت إلى وصول أشخاص غير جديرين بتحمل المسؤولية العامة، إلى استفحال المحسوبية والمحاباة والعشائرية والطائفية، وإفلات الفاسدين من المحاسبة وأمنهم العقوبة، انتهاءً بتجلي الحسابات المليونية للنواب التي كشفتها جريدة القبس التي تستحق التحية لقيامها بمسؤوليتها الوطنية والاجتماعية على أكمل وجه.
لاشك أن الحكومة مسؤولة عن انتشار هذا الداء الخطير الذي أصاب الوطن بالهرم والشيخوخة والوهن فعبث بمستقبلنا ومستقبل أطفالنا. فقد انحرفت الحكومة انحرافاً خطيراً عن مبادئ الحكم الصالح الرشيد التي جاءت بها تقارير التنمية الدولية، التي تقر أن الحكم الصالح ينتج مواطَنة صالحة، والحكم السيئ ينتج مواطَنة سيئة. وما تهرُّب الحكومة الأخير ورفضها لجزئية الذمة المالية من مشروع قانون مكافحة الفساد إلا دليل على عدم جديتها في تطبيق نظام حازم لمكافحة الفساد. الفساد السياسي هو الأخطر من نوعه والأكثر تدميراً، إذ يعمل على تقنين أنواع الفساد الأخرى، كالفساد المالي والأخلاقي والإداري، والتي بدورها تعوق مشاريع التنمية المستدامة وتهدد الاستقرار السياسي وتعمل على إفساد الممارسات الديمقراطية ونسف أدوات الرقابة والمساءلة والمحاسبة، والنتيجة هدر الوطن (حسب وصف د. مصطفى حجازي)، وهو هدر شامل للديمقراطية والمؤسسات والمواطنة والطاقات والمال والموارد. المضحك المبكي في هذا البلد المهدور هو تصريح اللجنة الاستشارية لإنقاذ الاقتصاد الوطني التي دعت إلى أهمية "حسم وقف سيل الهدر في الميزانية العامة" ولا أعلم كيف ستنقذ هذه اللجنة الاقتصاد الوطني أو كيف ستعمل، كما صرحت، على "ترشيد دولة الرفاه لتكون على الطريقة الاسكندنافية" (وهي الأقل فساداً) دون أن تتطرق إلى سبل مكافحة الفساد!قضايا الفساد السياسي في الدول المتقدمة تُسقِط حكومات ويُحال مجرموها إلى القضاء، أما في وطننا المهدور فقد "تطير الطيور بأرزاقها" غير المشروعة، نتيجة غياب تشريعات لمكافحة الفساد بالرغم من توقيع الكويت على اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد. ولا عجب من نزول الجمهور المُحبَط إلى الشارع. فهل تتساقط أوراق الخريف الكويتي؟• ما رأي أصوليينا المتباهين بأوهام هزيمة العلمانية في تركيا على يد أردوغان في دعوة أردوغان نفسه المصريين "إلى صياغة دستور يقوم على مبادئ العلمانية... فالدول العلمانية لا تعني (اللادينية)، وإنما تعني احترام كل الأديان وإعطاء كل فرد الحرية في ممارسة دينه... وعلى المنوط بهم كتابة الدستور في مصر توضيح أن الدولة تقف على مسافة واحدة من كل الأديان، وتكفل لكل فرد ممارسة دينه"؟• وما رأي الإسلاميين والتكتل الشعبي وكتلة العمل الوطني في تفنيش مجموعة من المؤذنين البدون من وزارة الأوقاف وتسريح عدد من الموظفين البدون في وزارة البلدية والأشغال؟... وما رأيهم في الكتاب الصادر عن الجهاز المركزي بعدم تجديد التأمين الصحي للبدون إلا بكتاب من الجهاز، وسحب البطاقات الأمنية وما يترتب عليه من توقف حياة الأسرة من تعليم وعلاج وغيرهما؟ لا أحد يسمع أو يرى أو يتكلم، فلا أصوات انتخابية لهم!