حيوية الخليج... وطاقة الإصلاح!
![تركي الدخيل](https://storage.googleapis.com/jarida-cdn/images/1491377907467332200/1491377907000/1280x960.jpg)
في موجة الثورات العربية الحالية لابد لنا أن نتساءل: هل يمكن للشعوب أن تغفر للطاغية والسفّاح ما يصنعه بها؟ هل الذاكرة التاريخية للشعوب هي التي أججت هذه المظاهرات الحاشدة؟ هل هذه الشعوب المقهورة جاءت من عمق التاريخ وأحداث الماضي الأليمة؟ لاشك أن الاستبداد الذي صبّته الأنظمة على الشعوب كان له بالغ الأثر في إذكاء الأحداث الحالية. كنا منذ فترة نحذر من الفقر والبطالة، وهما وقود الثورات الحالية، وبالذات حين يكونان في بلدٍ تسكنه الأثرة المالية، كما حدث في مصر، وقد تسرّبت عن حسني مبارك مقولة بليغة حين عاتب ابنه جمال قائلاً: «هذا ما جنيتَه عليّ» وهذه العبارة يمكن أن يتكرر نطقها لدى بعض من لم ينضم إلى زمن الإصلاح السياسي، فالشعوب التي ربض على صدورها الاستبداد لا يمكنها أن تصبر عليه إلى الأبد، فمن عمق اليأس جاءت هذه الاحتجاجات الكبيرة. إن الديمقراطيات الكاذبة، والجمهوريات ذات الحزب الواحد، وديمومة الحكم، والتوريث في الجمهلوكيات التي بنت أنظمتها على الكذب تهاوت واحدة تلو الأخرى، فشُنق صدام حسين، ونُحّي حسني مبارك وأصبح مطارداً، وطُرد زين العابدين بن علي، ودُفع القذافي الى الاختباء في السراديب، ودُفع بشار الأسد ليخطب بكل ارتباك، ونُقل علي عبدالله صالح ليعالج من حروق خطيرة في الرياض، كل هذه نتائج الديمقراطية الكاذبة، بينما في الخليج استطاع الاستقرار أن ينتج الأمن وتمكّنت التنمية من أن تكون حاميةً لحمى الأمن القومي. مسافة تفصل بين الخليج وبقية الدول العربية كلها في التنمية والتطور الواقعي، لكن كل ذلك التطور والتقدم، لا يعفينا من النقد الذاتي المستمر، ومن المراجعة للفعل السياسي والاقتصادي، حفاظاً على جمال نعيشه، وسيراً نحو مستقبل أكثر جلالاً وأمناً.يجب ألا يغري استقرار الخليج النسبي، مقارنة ببقية الدول العربية، الخليجيين للدعة ويدفعهم إلى التوقف عن ممارسة الإصلاح السياسي، والاقتصادي، فأسعار برميل النفط المحلقة لابد لها أن تهبط، وحينها لن يكون الرخاء المالي الوسيلة الوحيدة لإقناع الشعوب!