مزج السم بالدسم هو سياسة العاملين على إيصال مرشحين معينين إلى مجلس الأمة والإطاحة بكل عناصر المعارضة السابقة. حملة منظمة ودقيقة تقدم لنا عناصر سيئة التاريخ واللغة والهدف على أساس أنها الفئة المخلّصة التي ستخلّص البلاد من الفوضى وتحمي النظام من انقلاب تخطط له عناصر المعارضة، وتشجع عليه دول أو قوى خارجية! ولكي تكون الخلطة مقبولة تم تطعيمها بعناصر لها قبول وتاريخ أفضل، ولكن التركيز يتم على العناصر الأسوأ والأكثر إثارة للجدل.

Ad

طرح هذه المجموعة يستخدم تجاوزات عناصر التأزيم في مجلس الأمة السابق موضوعا لحملته، ويشنّ حربا شعواء لإسقاط كل من لا ترضى عنه الحكومة سواء من أساء أو من لم يسئ، ويبدو أن مساحة الحرية لضرب عناصر المعارضة ومهاجمتها وإبراز كل ما يسيء إليها قد فتح على مصراعيه بأساليب منظمة وبأدوات حديثة.

إن أموالا كثيرة تصرف لتغيير قناعات الناس بتشويه سيرة مجموعة وتبييض سيرة آخرين، ويبدو أن هناك قناعة بأن بعض العناصر غير المرغوب في عودتها إلى المجلس سيواجهونها بعناصر مضادة مهمتها خلق المزيد من البلبلة والتأزيم داخل المجلس، وذلك ضمن العملية المستمرة لتشويه الممارسات الديمقراطية وإقناع الناس بمساوئ النظام الديمقراطي تمهيدا لإلغائه شكلا ومضمونا.

ومن الوسائل الموجهة إلى الناس هذه الأيام مجموعة الاستقصاءات والتنبؤات التي يتم نشرها على مدار الساعة، وهي استبيانات أغلبيتها مفبركة يديرها محترفون في تشويه اتجاهات الرأي العام. وقد لاحظنا كيف وضع هؤلاء المرشحون الجدد أبطال حملتهم في مقدمة كل المرشحين، ووضعوا كل مرشحي المعارضة في آخر القوائم، وبحسب هذا التوجيه لم ينجح من أعضاء المعارضة السابقة إلا نائب واحد أو اثنان، وذلك لإضفاء صبغة محايدة، ولكي نصدق جدية وجودة هذه الاستبيانات.

تمنيت لو أن هذا الجهد كان محايدا أو كان لعناصر حسنة السمعة قادرة على إثراء حياتنا وممارساتنا الديمقراطية، ولكن اختيار هذه الحملة سيسيء ويشوه العمل في مجلس الأمة، ويثير مشاكل أكبر للكويت، وليت ممولي هذه الحملة يدركون أنهم يلعبون بالنار ويدفعون البلاد إلى مخاطر لا حدود لها، فالأجواء العامة في كل الوطن العربي تنذر بأحداث جسيمة قد تصل إلينا، وما يفعله ممولو هذه الحملة هو تعجيل ودعوة لوصول هذه الأحداث إلى داخل الكويت. انتقاد تصرفات بعض أعضاء مجلس الأمة السابقين وارد ومتاح، بل مطلوب، ولكن هذه الحملة تعدت نقطة الانتقاد إلى التشويه والشتم وإثارة الحزازات وضرب الوحدة الوطنية، وفي نفس الوقت تقديم عناصر أسوأ بكثير من أسوأ نائب سابق.

حملة أعداء الديمقراطية منظمة وجديدة وتحتاج منا اليقظة والحذر، فهم لا يتورعون عن الكذب والإساءة إلى المرشحين الآخرين، ويبدو أن مكافأة أبطال هذه الحملة ستكون على قدر الإساءة والتجريح الذي يقولونه في شعب الكويت ورموزه الوطنية.

وما لا يدركه ممول الحملة أو يدركه ولا يأبه بضرره على الكويت أن الشعب الكويتي لا ينخدع ولا تفوت عليه هذه الألاعيب، ويعرف لمن يصوّت، ومن يثق به رغم كل الملايين التي صرفت وتصرف على هذه الحملة.