في اليوم العالمي للديمقراطية منتصف شهر الماضي، أقامت "جمعية الشفافية" احتفالية بهذه المناسبة، واحتفالية لا تعني دوما الفرح ولكنها قد تعني حكم إدانة لواقع سيئ نعيشه، وإلا هل مرّ خبر عليكم يوما أن كندا تحتفل بيوم الديمقراطية؟ أو سمعتم أن الحزب الديمقراطي المسيحي الألماني صرح بأن "صيانة" مكتسباتنا الديمقراطية أهم من صيانة سمعة السيارة "البورش" أو "المرسيدس".

Ad

في ذلك اليوم المهم في ديمقراطيتنا المتآكلة، شاركت في مداخلة كانت خاتمتها: "ما يتعرض له المغردون هذه الأيام من ترهيب يجعلنا نتساءل عن حقيقة المرحلة التي وصلنا إليها، وهل يتمتع أصحاب الرأي بمساحة واسعة للنقد؟ إن نهج الملاحقة السياسية للكتاب وأصحاب الرأي يكشف عن خلل كبير في الممارسة الديمقراطية من قبل الحكومة وبعض المتنفذين".

في الأمس وضمن نهج الملاحقة السياسية "الانتقائي" حصدت الأجهزة الأمنية مجموعة من المغردين من ذوي النشاط السياسي على الساحة من بينهم طارق المطيري وحمد العليان، وقبلهم مجموعات ومجموعات تم حصدها، بعضهم معروف وبعضهم لوحق وهُدد ولم يخبر أحد، وهناك مجموعة لم يتفاعل معهم أحد لأن القضية في الأساس ليست على مبدأ ولكنها "فزعة" لأمر ما مشترك مع صاحب العلاقة.

هذا الموضوع الذي يبدو من الخارج كتلة واحدة هو في الحقيقة شائك، وشخصيا لا أمل من تكرار الحديث فيه كلما سنحت الفرصة لثلاثة أسباب: الأول، أن حرية التعبير لا توجد لها شعبية في الكويت. والثاني، هو الخلط بين قضايا حرية التعبير وقضايا أخرى. وأخيرا، تكرار الحالات والقضايا مع تزايد سخونة الأحداث السياسية.  النقطة الأساسية التي أود البدء بها هي أنه يجب التفريق، وأكررها عشر مرات، يجب التفريق بين إبداء الرأي في الشأن العام والسب والقذف، أي بين انتقاد أداء الشخصيات العامة والشتم واستخدام الألفاظ المقززة التي لا تقال لا في المنزل ولا في الديوانية، ومَن يرتكب ذلك الفعل يوقع نفسه تحت طائلة قانون الجزاء ولا يستحق لقب صاحب رأي، لأن للناس كرامات يجب أن تصان.

النقطة الثانية، وهي مسألة معقدة فمَن يكتب أي شيء حتى لو كان سباً سياسياً، له مكان يحاسب فيه وهو النيابة العامة والمحاكم لا جهاز أمن الدولة، ولو نلاحظ أن "الموضة" في السنوات الأخيرة هي "جرجرة" كل كاتب أو "مشخبط" إلى أمن الدولة، وعليه يمكن المطالبة بإطلاق سراح "الشتام اللعان" من سجن أمن الدولة، ليس حبا فيه ولكن لتصحيح إجراءات المحاسبة القانونية.

النقطة الثالثة، هي الاستدعاء إلى الجهات الأمنية المختصة بما يُكتب في "تويتر" ليس بغرض تفعيل القانون- غير الموجود أصلا- ولكن بهدف إشعار المغرد بأنه ملاحق وتحت النظر مع ذكر بعض المعلومات عن مكان عمله، وأين سافر في الصيف لتأكيد ذلك، وقد يساءل عن مقاصده فيما كتب أو لماذا علق؟! وفي النهاية يترك لحال سبيله!

النقطة الرابعة، لقد تكفل المغردون بالمغردين في التحريض على بعضهم بعضا لدى الأجهزة الأمنية على خلفية مواضيع طائفية وقبلية وسياسية ولأنهم موتورون لا يرون أبعد من أنوفهم لا يعلمون أن التصفيق للقمع يجعلهم أقرب ضحاياه.

في الختام، لم يعد هناك من نعتب عليه ولا حاجة إلى إطلاق المناشدات فهذه المرحلة بأكلمها تحتاج إلى إعادة صياغة.

الفقرة الأخيرة: بُح صوتنا ولكن لن نتوقف.