الكويت هي البلد الوحيد في منظومة مجلس التعاون الذي يفتقر لحد الآن للتشريعات الخاصة بهيئة الاتصالات كمظلة قانونية متكاملة لخدمة الإنترنت التي تتولاها حالياً مجموعة صغيرة من الشركات غير المرخصة أصلاً في توفير هذه الخدمة.

Ad

    يبدو أن حملة شباب الإنترنت في التصدي لرفع أسعار الخدمة وخفض معدلات السرعة والتحميل الإلكتروني قد تكللت بالنجاح، وقريباً جداً سوف يتم التراجع عن هذه الخطوة من قبل الشركات المختصة، وهذه الماكينة البشرية اليافعة أثبتت من جديد القدرة الفائقة على قيادة الحركة المجتمعية وحشد التأييد النيابي والمؤازرة الشعبية، ومن ثم الاستجابة الحكومية لمطالبها.

وقد تكون مشروعية قضية الإنترنت الأخيرة بحد ذاتها وعدالتها مصدر قوة، إذ لا يمكن في عصر الانفتاح المعلوماتي وتوافر البيانات ومقارنتها مع دول العالم أن يضلل الرأي العام بأرقام ومؤشرات قيمية يمكن متابعتها بشكل يومي عبر صفحات الإنترنت، ولكن الحشد الشبابي والضغط الكبير الذي نجحوا في فرضه على النواب، وكذلك على المسؤولين في الحكومة كان بمنزلة الخلطة السرية لسرعة التجاوب مع هذا المطلب.

وفي سياق هذا الموضوع يجب التنبيه إلى مدى خطورة تأخير التشريعات المواكبة لعصر السرعة والعولمة سواء كان هذا التأخير ناتجا عن البيروقراطية الثقيلة في تحركها أو بسبب شيخوخة العقلية الإدارية في تسيير أمور البلد وعدم مجاراتها لطموحات الشباب ومتطلبات حياتهم اليومية.

فالكويت هي البلد الوحيد في منظومة مجلس التعاون الذي يفتقر لحد الآن للتشريعات الخاصة بهيئة الاتصالات كمظلة قانونية متكاملة لخدمة الإنترنت التي تتولاها حالياً مجموعة صغيرة من الشركات غير المرخصة أصلاً في توفير هذه الخدمة.

وحتى الاقتراح بقانون بإنشاء هيئة الاتصالات كان مبادرة نيابية منذ عدة سنوات وما زال في أروقة اللجان البرلمانية، ولا يعرف هل يكون ضمن أولويات دور الانعقاد القادم لحسم هذا الأمر وإطلاق المنافسة بين الشركات مع الرقابة الحكومية عليها من أجل تقديم خدمة أفضل، وبأسعار تنافسية يكون المستفيد الأول فيها المواطن، خصوصاً من شريحة الشباب التي تشكل الأغلبية الساحقة والمتعاظمة يوماً بعد يوم في استخدام هذه الخدمة؟!

ورغم نجاح هذه التجربة الشبابية في كبح جماح رفع الأسعار والأنباء الواردة عن قرب التراجع عن القرارات التي اتخذتها شركات الإنترنت في هذا الشأن، فإن العلاقة بين هذه الشركات ووزارة المواصلات يجب أن تكون تحت المجهر الرقابي، وألا يسمح بأن تكون هناك صفقات تحت الطاولة لتعويض ما تدعيه الشركات من خسائر على حساب المال العام في وقت تتباكى فيه الحكومة على أي زيادة مالية قد تذهب إلى جيب المواطن.

فتعويض شركات الإنترنت يجب أن تكون من خلال تشريعات تمكنها من الحصول على خطوط التغذية المعلوماتية الدولية، وتذليل المعوقات التي تواجهها في هذا الشأن، والدفاع عن حقوقها كمشروعات وطنية أمام المنافسة العالمية والإقليمية ليكتب لها أيضاً الاستمرار في تقديم خدمة أفضل، وليس فقط اختيار التعويض المالي كبديل مؤقت لامتصاص غضب المواطن على حساب جيبه الخاص!