عندما يظهر مخاطبا الشعب الأميركي على الشاشة كان يسود الجميع شعور بأن من يخاطبهم هو أبوهم أو جدهم الكبير، إذ يبتعد عن الرسمية، ولا ينظر كثيرا إلى الأوراق، فيستطرد عادة مع بعض الدعابة والجدية أحيانا عندما يتطلب الموقف ذلك.
اعتمد الرئيس الأميركي ريغان عادة كرست مفهوم الأبوية لدى الشعب، فقد كان يرسل بطاقة ترحيبية لكل مولود أميركي يقول فيها "Welcome Home" .المؤسساتية والنظام الإداري والبرلماني الصلب، والصحافة الحرة، والحرية الشعبية لم تجعل من ريغان القائد الأسطورة والحاكم بأمره... والرئيس غير القابل للتغيير.وبحدود عمر ريغان الذي ناهز 78 عاما أو أكثر قليلا تسلق مجموعة من "الشياب" وكبار السن إلى سدة الرئاسة، فقبل ذلك كانوا يحملون الأجندات الإصلاحية والخطط التنموية مما جعل الناس تلقي بأسمائهم في صناديق الاقتراع، وأحدهم يعتبر إمبراطور الإعلام والمال، فنجح إلى حد الفحش في جمع المليارات ورئاسة الشركات. جاهد كثيرا للوصول إلى رئاسة الوزراء، وكان له ذلك، والنتيجة؟ سلسلة متوالية من الإخفاقات على جميع المستويات بما فيها الأخلاقية، وها هو يسحب دولته ليلقي بها في أحضان شبح الإفلاس، وآخر تفوق في أعرق جامعة بريطانية وأصبح أفضل طلبتها طوال فترة دراسته، وعاد إلى بلاده أستاذا جامعيا، قضى عدة عقود يقدم الحلول الاقتصادية والاجتماعية والسياسية من واقع معرفته ودراساته الأكاديمية، يعنى شاطر على الورق، فألهم الشباب وأقنع أرباب الأسر وأصبح فارس الإنقاذ، وأشاروا عليه بالنزول للانتخابات ففعلها وأصبح الدكتور رئيسا للوزراء، وبعد ثلاثة أشهر فقط أظهر هذا عرقيته المتزمتة، واستخدم مصادر الدولة لتقوية نفوذه وأتباعه وشبيحته، فظهرت قوى سياسية ومجتمعية واقتصادية فاسدة جرت البلاد إلى الحرب الأهلية والانقسام.ومثال على حكم الكهول من شرق آسيا، فصاحبنا هذا عسكري ملتزم ومحافظ على الأخلاق والقيم العسكرية كالولاء والنظام والسمع والطاعة والاستعداد للفناء في سبيل وطنه. درس أيضا حتى أصبح دكتورا كسابقه الإفريقي، فتولى أكبر رتبة عسكرية ورأس أكبر مركز أبحاث في دولته، وبصفته، وعند فراغ منصب رئيس الوزراء قفز هناك وعمره حينها 78 عاما فقط، المفاجأة أنه قطع خطوط التواصل مع المعارضة وألغى الدستور وسحق كل من يعارضه، ويمكن للجميع توقع ما آلت إليه أحوال هذا البلد المنكوب.يفسر علماء النفس حالة من يتولى القيادة وهو طاعن في السن، مع وجود حسن النوايا، فإن هذا المعمر يتولد لديه إحساس أن المؤسسة ستنهار بمجرد تركه لمنصبه، فيرى ضرورة وجوده لصون المكتسبات، ويزيدون أيضا أن حالته النفسية تصبح أكثر تعقيدا فلا يتسع صدره لسماع ما يخالفه، بل يتعداه إلى اعتبار ذلك نوعا من الإهانة، ولم يهمل النفسيون نقطتين مهمتين أخريين، أولاهما أن كبير السن، ورغم معرفته بأهمية ما يطرح عليه من خطط ومقترحات فليس لديه الاستعداد ولا الرغبة أيضا للتخطيط المستقبلي لشعوره بأنه لن يعيش حتى يرى النتائج، والثانية والخطيرة هي وجود الجوقة الفاسدة التي تحوم حوله وتنافقه، وتقول له ما يحب سماعه وتأخذ منه ما تحب أن تستولي عليه.
مقالات
شياب... شتقول؟
27-08-2011