لا شك أن الاهتمام بالأحداث المؤلمة في سورية قد سحب البساط من أحداث مهمة أخرى ربما لا تقل أهمية عن سورية، ففي ليبيا لا تزال المعارك في سرت ضارية، وحياة المدنيين تتعرض للخطر المحدق وثروات البلاد في استنزاف، ولا أظن أن الأحوال ستتعدل وإن تعدل اليسير فلن يساوي التضحيات التي قدمت.

Ad

أنا لست مع النظام الذي سقط وبقيت بعض فلوله بل أراه أحد أسوأ الأنظمة في الشرق الأوسط، لكن هل ستقدم المعارضة حلولا أفضل؟ أتمنى ذلك.

أيضا وإن خفتت الأضواء قليلا عن بلاد مأرب، إلا أن الوضع لا يوحي بتحسن، فالرئيس الذي نجا بأعجوبة مصمم على الاستمرار، ويرى له أحقية، ولا يلقي بالا لخطط خليجية من هنا وهناك، ويتعامل معها بمنطق "يا ويلي منك... يا ويلي عليك"، فإن شعر بالتفاف الحبل عليه قال "هاتوا الخطة الخليجية"، وإن تسلى بالأمان أخذ بتعداد سلبيات هذه الخطة المسكينة وأمينها الحائر!

الهدوء النسبي الحاصل الآن في بلاد "العسل الدوغني"، كالهدوء قبل العاصفة، وعلينا ألا ننسى أن صاحب الثقل القبلي الهائل "الشيخ صادق الأحمر" لا يريد استمرار رئاسة الرئيس، وقد أثبتت الأحداث الماضية أنه يقول ويطول وأنه رقم صعب يستحيل تجاهله.

مشكلة علي عبدالله صالح الرئيسة هي استهانته برموز وشيوخ القبائل الكبيرة في اليمن، فعندما رحل إلى السعودية للعلاج وتم استلام نائبه الحكم، هدأت الأمور بشكل كبير، وأصبحت المظاهرات نادرة وانكفأ الكل لاهتماماته، وكأنه قد تحقق الهدف المرجو! حتى الشيخ الأحمر ندرت أخباره، هل هي حنكة نائب الرئيس "عبدربه هادي" وباستطاعته لملمة خيوط اللعبة السياسية وتهدئة الأمور؟

أظن أن القبائل وعلى رأسها "الأحمر" اقتنعت بترك الجمل بما حمل لنائب الرئيس صاحب السمعة الطيبة بين أوساط شعبه، فبعد الإصابة البليغة للرئيس علي عبدالله صالح كأن النفوس هدأت!! ومن الاحتمالات التي أراها وجيهة هي استمرار الرئيس بالنيابة "عبدربه هادي" بالإمساك بمقاليد السلطة وقيادة البلاد لمرحلة انتقالية بعد الهدوء من مرحلة الاضطرابات والخلافات السياسية.

أما في سورية فالوضع مختلف تماما، وهناك نظام حكم يسانده حزب فاسد، والمشكلة التي تؤرق الكثيرين هي الفارق الكبير في التسليح بين شعب أعزل ونظام مدجج بالسلاح، فعدم التوازن هذا يصب في مصلحة البعث المجرم حتى الآن، لكن الحق سينتصر ولو بعد حين.

حفظ الله بلاد العرب والمسلمين من هذه الشرور والفتن، وأسال الله عز وجل أن يحقن دماء المسلمين، وأهل سورية ضحايا هذا الحاكم الظالم وأهل ليبيا وأهل اليمن إنه سميع قدير.