آن للمجلس أن يقول كلمته

نشر في 06-02-2012
آخر تحديث 06-02-2012 | 00:01
No Image Caption
 فهد راشد المطيري إن الشعب القادر على الإطاحة بحكومة لهو قادر أيضا على تشكيل حكومة، وهذا بالضبط ما ينبغي أن يحرص على تحقيقه كل عضو جاء إلى المجلس عن طريق ساحة الإرادة، فلم يخرج الناس إلى الشوارع لتنفيذ أجندات ضيقة لأحزاب سياسية معينة.

بعد أن قال الشعب كلمته، جاء دور مجلس الأمة كي يقول كلمته، ذلك أن أمام أعضاء البرلمان مسؤوليات جساماً لا مناص من مواجهتها، لعل من أهمها تحويل شعار "محاربة الفساد" إلى أجندة محددة وقابلة للتطبيق، وأول خطوة جادة على هذا الطريق هي إعادة النظر في مؤسسات الدولة لتقييم مدى نجاحها في أداء وظائفها المختلفة.

هناك- على سبيل المثال لا الحصر- حاجة ماسة إلى ضمان استقلال القضاء، وتفعيل دور ديوان المحاسبة، وتعزيز الجانب الإنساني لدى أفراد قوات الشرطة، فقد تحتاج هذه وغيرها من المسائل الشائكة إلى تشريعات جديدة، بل قد يقتضي الأمر إعادة النظر في بعض أحكام الدستور نفسه، لكن الأمر المؤكد هو أن قدرة مجلس الأمة على إصلاح مؤسسات الدولة مرهون بقدرته على إصلاح نفسه، فهيبة المجلس نالها الكثير من الضربات المتلاحقة في السنوات الأخيرة، ولم يعد مقبولا تذكية الصراع النيابي-النيابي على حساب الصراع النيابي-الحكومي. إن مجلس الأمة يحمل على عاتقه مشروع بناء دولة مدنية متقدمة، لا مشروع حرب أهلية متخلفة!

إلى جانب إعادة النظر في مؤسسات الدولة، ينبغي لأعضاء المجلس ممن يمثلون الطبقة الوسطى أن يحرصوا على تأكيد مبدأ العدالة الاجتماعية والتوزيع العادل للثروة، فهذا الحرص له ما يبرره في ظل التوصيات التي تضمنها تقرير اللجنة الاستشارية الاقتصادية، وستثبت الشهور القادمة أن معركة الخصخصة لم تضع أوزارها بعد كما قد يظن البعض!

لا يخفى على أحد أن عدداً غير قليل من أعضاء المجلس مدين في وصوله إلى كرسي البرلمان للحراك الشعبي العارم الذي شهدته الكويت في الآونة الأخيرة، وهذه الحقيقة تضع كثيراً من نوّاب الأمة أمام مسؤوليتهم التاريخية في تعزيز قوة هذا الحراك الشعبي من خلال سن التشريعات الكفيلة بضمان حق التظاهر السلمي، ليس للمواطنين فقط، بل لغير محددي الجنسية وللوافدين كذلك، فلغة العنف لم تعد مقبولة لدى المواطن العربي بعد أن حلّ خريف الدكتاتوريات العربية، وأسلوب العنف لا يستقيم مع حلم بناء مجتمع مدني منفتح ومتسامح.

أخيرا، إن الشعب القادر على الإطاحة بحكومة لهو قادر أيضا على تشكيل حكومة، وهذا بالضبط ما ينبغي أن يحرص على تحقيقه كل عضو جاء إلى المجلس عن طريق ساحة الإرادة، فلم يخرج الناس إلى الشوارع لتنفيذ أجندات ضيقة لأحزاب سياسية معينة، وبالرغم من مشاركة أحزاب إسلامية في الحراك الشعبي، لم تكن الشعارات الإسلامية هي الطاغية، لذا فإن الدعوات التي نسمعها الآن حول الانقضاض على المادة الثانية من الدستور ليست سوى انقلاب على أهداف الحراك الشعبي وتشتيت لقوته ونسف لمقوماته.

back to top