يذكّرنا عنوان الفيلم المصري الجديد «إذاعة حبّ» للمخرج أحمد سمير فرج بعنوان الفيلم الظريف الذائع الصيت «إشاعة حبّ» لقطب السينما الكوميدية المصرية فطين عبد الوهاب، بطولة سعاد حسني وعمر الشريف ويوسف وهبي. كذلك، عند مشاهدة الفيلم الجديد نتذكّر شخصية الشاب التي أداها عمر الشريف في الفيلم القديم، وهي كشخصية الشاب الطيّب الدمث الذي يتّسم بالحياء وبأنه «دقة قديمة» في تعامله مع النساء في {إذاعة حب}، لكن هنا يفترق الفيلمان.

Ad

فالطرف الآخر (النسائي) في الفيلم الجديد، من النوعية نفسها تماماً، عكس النموذج العصري الجريء الذي مثّلته سعاد حسني في «إشاعة حبّ». إذ تؤدي منة شلبي دور ليلى ويؤدي شريف سلامة دور حسن، في أول بطولة له، وهو يثبت، بحضوره وروحه، مقدرته على تصدُّر الأداء في الفيلم.

الحقّ أن {إذاعة حبّ} حافل بمواهب شابة تدلّ على تمكّن وحضور ملحوظين. فإلى جانب منّة وشريف، نرى يسرا اللوزي ومنى هلا وإدوارد ونجوماً معروفين، من بينهم لطفي لبيب وانتصار.

يتميّز الفيلم أيضاً بعناصر لديها مقدرتها الحرفية مثل شادي علي في التصوير، نسرين فهيم في المونتاج، خالد حماد في الموسيقى التي تضعنا، منذ افتتاح الفيلم وحتى مع نزول العناوين، في الأجواء التي سنقبل عليها والأجواء المرحة التي ستشمله.

فـ «إذاعة حبّ» أقرب إلى نوعية الكوميديا الرومنسية، أو يدور في إطار علاقات ومشاعر رومنسية بين قلوب شابة في إطار روح فكاهية. ولم يتعمّق الكاتب محمد ناير في الشخصيات، وكان على السيناريو أن يرسم ملامحها وروحها وحيويتها بدقّة أكبر، خصوصاً الشخصيات الشابة الأخرى حول البطلين.

لكن الفيلم يُحسب له أنه، وإن جاء تقليدياً درامياً وغير متوهّج أو أخاذ إخراجياً، خفيف وليس تافهاً ويخلو من أي نزوع إلى الإسفاف أو وقوع في الابتذال. بل إنه لا يخلو من فكرة، تخلّلت الدراما وأحداثها، مرماها أن يكون البشر أنفسهم، من دون ادعاء أو أقنعة.

ليتقرّب كل منهما إلى الآخر، يخرج البطلان عن الطبيعة الحيّة البسيطة، ويرتديان قناع الجرأة الزائدة والشباب العصري «المودرن» أو «الروش»، فيرتبكان أكثر، حتى تنكشف الحقيقة وتتوالى المواقف التي تصل بالجميع في النهاية إلى المغزى المقصود: «كن نفسك، لا تدعِّ شيئاً غير ما أنت عليه، الأقنعة في النهاية تضرّ أكثر مما تنفع». وهذا مغزى سديد من دون شك، وليس مطلوباً في الأفلام الخفيفة، على أي حال، معانٍ عميقة وسديدة إلا في هذه الحدود.

لكن تبقى مشكلة الفيلم في رأيي هي أنه، حتى كفيلم خفيف طريف، هل يمكن مشاهدته مراراً باستمتاع مثل «إشاعة حبّ» أو غيره من أفلام خفيفة للمخرج فطين عبد الوهاب، أو من مشى على دربه من المرموقين؟

الحقّ أن هذه هي المشكلة، فنحن من الذين يرون هذه النوعية من الأفلام، ضمن باقة الأفلام المتنوّعة، التي من الضروري والجميل وجودها، لكن المهم: في أي مستوى؟

هل تراجعت سينما اليوم عن سينما فطين؟

نعم.

وبأي مقدار أو مسافة؟ الإجابة من واقع هذه اللحظة:

علينا أن نرى «إذاعة حبّ» مثلاً، ونقارنه بـ «إشاعة حبّ».