بعدما شهدته البلاد من «هوجة» الكوادر وزيادات الرواتب، التي امتدت طوال السنوات الثلاث السابقة، ارتفع خلالها متوسط الأجور في الكويت بشكل كبير، وأصبحت تكلفة المعيشة في كل جوانبها باهظة ومكلفة، وهو ما دفع الحكومة لتستجيب لمطالبات الموظفين الذين لم تشملهم الكوادر بزيادة قدرها مئة دينار شهريا، ظلت فئة المتقاعدين دون مراجعة أو نظرة لواقع حالها وتركت لتعاني في ظل هذه الظروف، وبخيار وحيد للتعامل مع مشكلتها المعيشية، وهو زيادة العشرين ديناراً التي تمنح للمتقاعدين كل ثلاث سنوات!!
وفي ظل غياب مؤشر موثوق في البلاد لقياس نسب التضخم والغلاء بشكل صحيح وعلمي، كما يؤكد تقرير الشال الاقتصادي الأخير، فإن نسب غلاء السلع والخدمات الأساسية بشكل دقيق في الكويت غير متوفرة، وأحياناً تكون مسيسة لخدمة وجهة نظر توجه سياسي أو اقتصادي معين، ولكن الشواهد لذوي الخبرة تشير إلى أنها شهدت قفزات كبيرة بعد زيادة القوة الشرائية لمعظم المهن بسبب ارتفاع أجورها بشكل لافت، فمِهَن مثل الهندسة والطب والتدريس والحقوقيين والعسكريين للكويتيين تجاوز متوسط دخلها الشهري الــ2000 دينار، وهو ما يخلق قوة طلب شرائية تتناسب مع هذا المستوى من الدخل، يتكيف معها صعوداً في الأسعار مقدمو السلع والخدمات، فكيف يمكن للمتقاعد أن يجاري بمعدل راتب يتراوح بين الستمئة والألف ومئتي دينار الأغلبية التي تحلق دخولها الشهرية بالقرب من حاجز الــ3000 دينار؟!وإذا علمنا أيضاً أن معدل سنَّ التقاعد في الكويت يكون غالباً في العقد الخامس، فإن المتقاعد دائماً يكون في هذا العمر في مرحلة إعالته لأبنائه الذين يكونون في مرحلة الدراسة الثانوية وحتى الجامعية بمتطلباتها الكثيرة والمكلفة، وبسبب كل هذه العوامل والمعاناة التي تعيشها أغلبية المتقاعدين فإنهم يستغيثون من الغرق في الديون والضغوط المعيشية التي تجعل حياتهم صعبة ويطالبون الحكومة والمجلس بأن ينظرا إلى حالهم بعدما شهدته البلاد من تغييرات كبيرة في تكاليف المعيشة ومتوسط دخل الفرد العامل فيها.***رحل الأسبوع الماضي عن دنيانا سكرتير التحرير في الزميلة صحيفة «القبس» الأستاذ الفاضل سهيل عبود، الذي زاملته وتعلمت منه على مدى أكثر من 15 عاماً حتى عام 2007، إذ كنت ضيفه اليومي في مكتبه الملاصق لصالة التحرير أسمع منه تعليقه على الأخبار العربية والمحلية، وحتى أعطي الفضل لصاحبه في تأبيني له، فإن أستاذي سهيل عبود هو أول مَن شجعني بعد أن اطّلع على كتاباتي وحثني على كتابة «التحليل البرلماني والسياسي» الذي كانت تفتقده الصحافة الكويتية في بداية التسعينيات، وكنت أول من كتب التحليل البرلماني وبعده السياسي في الصحافة الكويتية عام 1993، بفضل تشجيعه لي وثنائه على مضمون ما أكتب، وهو ما تأكدت منه لاحقاً من سياسيين وإعلاميين، وأكاديميين كذلك، كانوا يرسلون طلبتهم في قسم الإعلام بجامعة الكويت حينئذ إلى مركز المعلومات في «القبس» لجمع ما كنت أكتبه من تحليل وتقارير برلمانية وسياسية لاستخدامها في العملية التعليمية، وعندما شكرت المرحوم سهيل عبود على دعمه لي رد بكل تواضع «هذا شغلك أنت ومجهودك»... رحمك الله يا أستاذي الفاضل فقد كانت لك بصمة كبيرة على الصحافة الكويتية، فارقد بسلام على أرض الأرز التي طالما أبدعت في وصفها وتحليل أوضاعها وتوقعاتك المتفائلة دائماً لمستقبلها.
أخر كلام
نداء المتقاعدين: إني أغرق... أغرق!!
16-07-2011