في الكويت غالباً ما يعاني صغار مستثمري الأسهم الممارسات غير العادية والمفترسة من قبل كبار المستثمرين سواء كانوا أشخاصاً أو شركات أو مجاميع استثمارية، وهذه حقيقة لا يمكن لأحد التشكيك فيها، ولكن بعد الأزمة المالية وتأثر سوقنا بها ظهرت إلينا مشكلة أخرى ومختلفة، ولكن الضحية نفسها، وهم صغار المستثمرين الذين تحولوا إلى دائنين.

Ad

في عام 2009 تخلفت دار الاستثمار (الدار) عن تسديد بعض ديونها، وعجزت عن تسديد كل ديونها في وقت لاحق، وعند اتخاذ قرار كهذا يستلزم على الشركة الأخذ بالاعتبار بعض المعادلات المالية المعقدة والرجوع للآراء القانونية التي تضمن لدائني الشركة حقوقهم أو ما تبقى منها وحمايتهم، فضلاً عن الشفافية المطلوبة في مثل هذه الحالات.

ومع مرور الوقت وشبه اتضاح الرؤية واستمرار معاناة صغار الدائنين وبداية هيكلة ديون الشركة وآليات الدفع التي تقدم بها فريق إعادة هيكلة ديون الشركة.

والمعاناة التي نود التركيز عليها هنا هي أحقية الدائنين الذين استثمروا في صندوق النقد المالي المدار من قبل شركة الدار لإدارة الأصول الاستثمارية (آدام)، ووفقا للموقع الإلكتروني في الشبكة العنكبوتية التابع لشركة آدام فإن صندوق النقد المالي يملك أصولاً تقدر بواحد وسبعين مليوناً وتسعمئة ألف دينار.

في عالم الاستثمار وإدارة أصول الغير هناك ممارسات وأعراف متفق عليها، وخصوصا في كيفية إدارة صناديق النقد المالي، وما الأصول الموجب الاستثمار فيها، فغالباً ما تكون أصولا ذات سيولة عالية وقليلة المخاطر، وذلك لما ينص عليه النظام الأساسي لهذه الصناديق من إعطاء المستثمر الأحقية في استرداد استثماره وقت ما يشاء وبشكل أسبوعي.

ولكن ما قامت به شركة آدام هو تجميد حق المستثمر في تسييل أو استرداد أي جزء من استثماره في صندوق النقد المالي، بعد تعثر الشركة الأم (الدار) عن تسديد ديونها المستحقة.

ما تجلى هنا هو جزء كبير إن لم يكن أغلب استثمارات الصندوق توجهت واستثمرت في الشركة الأم عن طريق عقود خاصة او ما يسمى بالمرابحات.

والواضح أن استثمارات الصندوق، التي كان يجب عليها أن تستثمر في اصول محافظة او ذات نسبة مخاطرة قليلة وعلى مدى قصير الأمد، قد سيرت عن طريق هذه المرابحات لتمويل مشاريع واستثمارات للشركة الام، التي طغى عليها طابع المخاطرة وطول الأمد وصعوبة السيولة.

إن هذا لا يتماشى مع أبسط القواعد الأخلاقية لإدارة أصول الغير، ووفقا لمضبطة قواعد ومعايير السلوك المهني من معهد CFA العالي، فإن هذه الممارسات قد تؤدي الى تضارب المصالح، ويستطيع أي شخص أن يجادل بأن قرار استثمار أموال الصندوق في مرابحات للشركة الأم يمثل تعدي مدير الصندوق على صلاحياته، ويعتبر ممارسة غير أخلاقية في عالم الاستثمار.

في الأيام القليلة الماضية تم اتخاذ قرار من قبل المحكمة يلزم شركات الدار بدفع 8 في المئة من إجمالي ديونها المقدرة باثنين وثمانين ديناراً للافراد وليس للمؤسسات.

والمؤسسات لن تحصل على أي مبلغ أو تسديد لمستحقاتها إلا في عام 2013، ويتم التنديد حتى عام 2017 أي بعد ثماني سنوات منذ إعلان "الدار" تعثرها عن السداد.

وبدهيا، المستثمرون الافراد في صندوق النقد المالي المدار من قبل "آدام" يعتبرون من المقرضين لشركة الدار عن طريق العقود الخاصة بينهما، إلا أن شركة الدار اعلنت أن قرار المحكمة لا يلزمها بتسديد أو دفع أي مبالغ الى الصندوق من الاثنين والثمانين مليوناً، ويرجع ذلك إلى أن الدائن ليس فردا ولا مؤسسة وفقا لتعريف شركة الدار.

والمحزن في هذا الشأن ليس فقط عدم قدرة الصندوق على تسييل أصول ودفع أموال المستثمرين ولا سوء إدارة أموال الغير، ولكن أصبح المستثمرون المحبوسون في الصندوق خارج خطة هيكلة ديون الشركة التي ستدفع كل أموال صغار المقرضين (الأفراد) في غضون ستة أشهر من قرار المحكمة.

ببساطة، شركة الدار لن تسدد الأموال المستحقة لجميع الأفراد الدائنين، وهذه الممارسة تعتبر مثالاً آخر على الظلم والممارسات غير السوية التي يتعرض لها الكثير من صغار المستثمرين بالكويت.

المفارقة أن المستثمر في صندوق تديره شركة تابعة لـ"الدار" سيخرج اسوأ من اولئك الذين اقرضوا الشركة الأم.

ولذلك فإنه ينبغي على مستثمري صندوق النقد المالي ان ينظموا انفسهم حتى يجعلوا صوتهم مسموعا وقضيتهم معروفة.

وأتمنى من هيئة سوق المال أن تنظر بعين الجد إلى هذه الممارسات الآن ومستقبلاً.