"يسقط الرئيس القادم" لافتة موجودة في أحد شوارع مدينة نصر بالقاهرة. كانت الدهشة هي الانطباع الأول عند قراءتها، ثم كان الابتسام، وبعد تفكير شعرت بالقلق.

Ad

أما الدهشة فكيف يجرؤ إنسان على إسقاط المستقبل؟ كيف يمكن لشخص أن يحكم على ما لا يعلم؟ كيف لبشر أن يرفض الغيب؟ ثم كان الابتسام وقلت لنفسي إنها طبيعة المصريين وخفة دمهم لا يتنازلون عنها في أصعب الظروف وأخطرها فصاحب اللافتة "نظر حوله" فلم يجد "محتملاً" يستحق الصعود "فأوجب السقوط" على الجميع. ولكن القلق تسرب إليّ وسيطر على فكري أن يكون صاحب اللافتة جاداً ومصراً على دعوته بإسقاط الرئيس القادم.

مبعث القلق أن هناك تيارا سياسيا لا يعنيه إجراء الانتخابات من عدمها ولا يهمه شخصية الرئيس القادم ومن يكون؟ ويدعو إلى الرفض لمجرد الرفض. تيار لم يستفد من الثورة أو بالأدق لم تحقق له ما كان يريد من مكاسب شخصية وفئوية، فآثر أن يظل في موقف الرافض لكل شيء وليستغل كل حدث أو عثرة في مسار الثورة لتكبيرها والنفخ فيها انتقاما من الثورة رغم أنه لا ينتمي إلى النظام السابق ولا "فلوله"، لكن فقط لأن الأمور لا تسير كما يريد.

هذا الفصيل السياسي يسعى إلى تكوين مجموعات أشبه "بالخلايا النائمة" في الأسلوب المخابراتي لتكون جاهزة للتحرك في أي وقت، وأيضا هناك "خلايا غير نائمة" كدرع واق للخلايا الأولى مثل ساكني "ميدان التحرير" الآن، فبالله عليكم من هم شاغلو ميدان التحرير الآن؟ هل هم من الثوار؟ ما مطالبهم؟ هل من أسر الشهداء؟ ما حجتهم للبقاء حتى الآن؟ من المتكفل بإعاشة كل المقيمين هناك؟ أسئلة كثيرة تشير في النهاية إلى تيار الرفض الذي لا يعنيه شيء سوى مصالحه الشخصية ومطالبه الطائفية.

القلق أن يظل هذا التيار على غيّه وخداعه رافضاً الاستقرار داعياً إلى الفتنة، مثيرا للأزمات فمن حق أي إنسان رفض فلان وفلان واختيار أحمد أو مايكل، لكن من الضروري أن يكون هناك رئيس كما كان من الضروري وجود مجلس شعب سواء اتفقنا أو اختلفنا مع أعضائه... فمازال تيار الرفض يرفض وجود مجلس الشعب ويدعي ألا قيمة له وأنه ليس أكثر من "مكلمة" ويسعى إلى إثارة الجميع ضد المجلس.

من حقك أن ترفض شخص الرئيس ولكن ليس من حقك أن ترفض وجود رئيس، أم أن المطلوب أن يستمر المجلس العسكري؟! أليست هذه نوايا خبيثة تبعث على القلق؟!

***

أتعجب أحياناً من حال بعض الكتاب المصابين "بالفوبيا" من كل شيء ومن لا شيء، فتارة تجدهم في حال هلع من إيران ودورها في الخليج وقدرتها على فعل العجب وإلحاق الأذى والضرر بالجميع، وإذا ما هدأ الخوف قليلا من إيران نفاجأ بـ"بفوبيا" جديدة من ثورات الربيع العربي، فإذا ما اطمأنت قلوبهم من هذه الجهة ظهرت "فوبيا" أشد من "الإخوان المسلمين" ودورهم في المنطقة... إلخ.

لا أدري ما السبب في كل هذا الخوف الهيستيري الذي يصيبهم من أي شيء ومن كل شيء "القلق والتفكير في الرد والوقاية أمر طبيعي ومطلوب، لكن الفوبيا ظاهرة مرضية"... أخشى أن يشعر هؤلاء بالخوف إذا نظروا في المرآة.

***

يوميات "غزلان- خلفان" ضجيج بلا طحن وكلام بلا فعل وطعام بلا طعم.... وإلى المقال القادم.