مع أن ليون بانيتا ليس عسكرياً إلاّ أن إرساله في هذه الجولة، التي تشمل إسرائيل والسلطة الفلسطينية ومصر، كوزير للدفاع يشير إلى أن الولايات المتحدة تريد اتباع سياسة الجنرالات في هذه المنطقة التي تعيش تطورات ساخنة وتنتظر تدخلاً دولياً أشار إليه هذا المسؤول الأميركي الذي كان شغل منصب مدير وكالة الاستخبارات المركزية "سي. آي. أيه" بقوله: إن سقوط النظام السوري برئاسة بشار الأسد بات "مسألة وقت"!!.

Ad

والملاحظ أن بانيتا قد قال هذا الذي قاله بعد ساعات فقط من توحُّد المعارضة السورية في إطار واحد هو المجلس الوطني، وبعد ساعات من دعوة هذه المعارضة إلى تدخل دولي لحماية الشعب السوري من الذبح ودعوتها إلى إقامة منطقة محظورة على الطيران no fly zone على غرار ما كان الوضع عليه في كردستان العراق قبل غزو عام 2003 الذي أطاح نظام صدام حسين وأوجد هذه التركيبة العراقية الحاكمة.

وكل هذا وهناك مؤشرات كثيرة تدل على أن الأزمة السورية، التي تزداد تعقيداً في كل يوم في ضوء إصرار النظام على سياسة العنف والقوة العسكرية، ستشهد منذ الآن فصاعداً تطورات بالغة الأهمية والخطورة، وأن دولاً رئيسية سوف تتعامل مع المجلس الوطني السوري، الذي تَشكَّل قبل أيام، كما تعاملت مع المجلس الانتقالي الليبي الذي يقود البلاد الآن وبالتالي فإنه غير مستبعد أن تكون هناك منطقة "محررة" على غرار بني غازي، وأن يكون هناك تدخل جوي دولي كتدخل طيران حلف الأطلسي الذي لا يزال متواصلاً ومستمراً حتى الآن.

كان على هذا النظام السوري الذي اختار سياسة الانتحار أن يدرك أنه باتباع كل هذا العنف الدموي ضد شعبه سوف يدفع هذا الشعب دفعاً إلى مدَّ يده إلى الخارج فـ"الضرورات تبيح المحظورات"، وهذا هو ما يحدث الآن، إذْ إن المجازر الأخيرة التي اُرتكبت في "الرَّستن" قد أجبرت الذين مزَّقت قذائف الدبابات أجساد أطفالهم على طلب العون من القوى الخارجية التي هي مستعدة، كما يبدو، إلى فعل ما كانت فعلته في البلقان وفي ساحل العاج والآن في ليبيا.

إنه على أي نظام عندما يمارس ضد شعبه هذا الذي يمارسه نظام الرئيس بشار الأسد ضد الشعب السوري، الذي حاول بقدر الإمكان أن يبقي على الطابع السلمي لانتفاضته والذي قبل مجازر "الرَّسْتن" وحمص بقي يرفض حتى تدخل الأمم المتحدة، أن يتوقع تدخلاً خارجياً قد يصل إلى مستوى غزو العراق في عام 2003، فالدول الكبرى لها مصالح ومصالح الولايات المتحدة ودول الاتحاد الأوروبي ستدفعها حتماً إلى تكرار التجربة العراقية في سورية وإن بصورة أخرى إذا بقي النظام يصر على استخدام القبضة الحديدية والعنف المفرط.

لا أبأس من نظام يركب رأسه على هذا النحو، ويواصل ذبح شعبه لأنه بالتالي سيستدرج كل غيلان الأرض إلى بلده، ولأنه بما يرتكبه من مجازر يوجه دعوة لكل الدول التي لها مصالح في المنطقة كي تتدخل عسكرياً في هذه المنطقة، ويقيناً أنه إن لم تطرأ معجزة لوضع حدًّ وبسرعة لهذا الذي يجري فإن سورية ستنزلق، وقريبا جداً، إلى ما انزلق إليه العراق وربما ستكون المأساة أكبر لأن الصراع في هذا البلد العزيز بات يتخذ طابعاً طائفياً خطيراً ومقيتاً ومرعباً.