تويتر وشعبية رجال السياسة
في ظل الطوفان المعلوماتي الذي يجتاحنا، فرض هذا التقدم على دولنا أمورا كثيرة، مما يدعونا إلى التساؤل عن كيفية تعاملنا مع الحرية المعلوماتية، وهل اجتذبنا عبر الوظائف المتاحة أصحاب الشغف الإلكتروني؟ وهل سنرى تطبيقا لمفاهيم الحكومة الإلكترونية قريبا؟ وماذا عن مناهجنا التربوية ووسائل التواصل الاجتماعي؟ أم سنواجه غياب مواثيق حسن استخدام الإنترنت عن مناهجنا التربوية؟تتسابق الدراسات البحثية اليوم في تفسير ظاهرة "الإدمان التكنولوجي", ومدى صحة الاعتماد على التراسل الإلكتروني عبر أدوات التواصل الاجتماعي الإلكترونية كالمدونات و"تويتر" و"الفيس بوك" وغيرها من وسائل تكنولوجية لا تمتاز بسرعة الاتصال فحسب، بل أصبحت وسيلة لنشر المعلومة المغلوطة قبل الصحيحة.
وعلى الرغم من أن تلك الأدوات لم تسترعِ الانتباه في الماضي في فترات "التوتر السياسي" والانتخابات وبناء التسويق السياسي، فإنها اليوم أصبحت محط أنظار وانتباه الباحثين في مجال العولمة، وسبل الاتصال.وفي ذلك السياق أذكر فترة الانتخابات البرلمانية الماضية انتشار ظاهرة "الدواوين الإلكترونية" والتي جمعت وقتها المهتمين والمهتمات بالبرامج السياسة أو بالأحرى بالأحداث المحلية والحديث عنها بجرأة، في الوقت الذي أصبح ذلك العالم الافتراضي يعيد إحياء العادات الاجتماعية بالتواصل وبلورة الآراء ولكن إلكترونيا. ويفسح المجال للمرشحين للاستعانة بتلك الوسائل الإلكترونية للإعلان عن افتتاح مقارهم الانتخابية والتواصل مع الناخبين والمراسلين الصحافيين من خلال اتباع التغريدات أو تصفح مواقع الإنترنت.ولا بد بعد تلك المتغيرات أن تخطر أسئلة على البال، وأذكر منها على سبيل المثال: ما مدى تأثير أدوات التواصل الاجتماعي في شعبية النائب أو رجل السياسة بشكل عام؟ وما مدى فعالية الردود عبر "تويتر" الخاصة بمواقف النائب من القضايا؟ أسئلة أقوم بدراستها حاليا عبر استطلاع للآراء، وأعدك أخي القارئ بنشر النتائج قريبا. واليوم وعلى الرغم من انتشار الأبحاث التي تحذر من خطورة سوء استخدام التكنولوجيا والإنترنت فإن ذلك لم يمنع انتشار "المغردين" من دول الخليج العربي، والدخول في مناقشات حادة حول مواضيعأبرزها أحداث البحرين ثم استجوابات البرلمان الكويتي, وأخيرا قيادة المرأه السعودية للسيارات، والتي تابعناها كمغردين وشعرنا وكأننا نشهد عملية "صدام الثقافات" من جهة وانتشار "حرية إبداء الرأي" من جهة أخرى.ولعل ذلك الأمر الذي جعل المنتديات الرقمية Blogs تتحول إلى مواقع اجتماعية وحسابات "تويترية" جاذبة إليها... أهل الصحافة والباحثين من المراكز الأجنبية لمتابعة ما يجري في العالم العربي, وجاذبة إليها أيضا مؤسسات القطاع الخاص التي أصبح "تويتر" ساحة للترويج لها عن المنتجات الجديدة والتواصل مع المستهلكين.وما يقلقنا اليوم هو عدم اكتراث المؤسسات التربوية والإدارية الحكومية بتأثير التداول السياسي الإلكتروني في مفاهيم الأخلاق والقيم وحفظ المعلومة.ففي هذا السياق، وفي ظل الطوفان المعلوماتي الذي يجتاحنا، فرض هذا التقدم على دولنا أمورا كثيرة، مما يدعونا إلى التساؤل عن كيفية تعاملنا مع الحرية المعلوماتية، وهل اجتذبنا عبر الوظائف المتاحة أصحاب الشغف الإلكتروني؟ وهل سنرى تطبيقا لمفاهيم الحكومة الإلكترونية قريبا؟ وماذا عن مناهجنا التربوية ووسائل التواصل الاجتماعي؟ أم سنواجه غياب مواثيق حسن استخدام الإنترنت عن مناهجنا التربوية؟الجميع يشعر أننا نعيش فترة الثورة المعرفية، ويخشى أن تصبح "فوضى معرفية"، ودخول الحاسوب إلى منازلنا بمقدرته الإنترنتية الفائقة والبنى المعرفية لا تكفي، فالمطلوب دخوله المؤسسات التعليمية محاطا بالمناهج الخاصة بسلامة استخدام المعلومات "وليس تقنينها"، والتأكد من مصادرها قبل إعادة تدويرها، وذلك لضمان سلامة أبنائنا من الطوفان المعلوماتي الحالي.