الشيخ... لا يمثلني!

نشر في 27-11-2011
آخر تحديث 27-11-2011 | 00:01
No Image Caption
 د. ساجد العبدلي الصراع الدائر في الكويت حالياً صراع سياسي في الأساس. ليس صراعاً فئوياً، وليس صراعاً قبلياً، وليس صراعاً طائفياًَ، وليس أي شيء آخر. هو اختلاف سياسي، بل ولن يزعجني أبداً حتى أن أسميه خلافاً سياسياً حاداً، بين من يرون "لا جدارة" للحكومة، وقبل ذلك "لا جدارة" لرئيسها، وضرورة رحيلهم جميعاً، وبين الحكومة بنوابها وأجهزة إعلامها والموالين لها. صراع سياسي بحت ولا شيء غير ذلك.

أقول هذا، مشدداً عليه، لأنه مثير للغثيان والقرف حقاً إقحام شيوخ بعض القبائل في ما يجري، وإدخالهم إلى خشبة المسرح السياسي، في حركة استعراضية باهتة، كي يعلنوا الولاء والسمع والطاعة، وكأنهم يجددون البيعة!

هذا المشهد العابث والخطير جداً في تبعاته، أريد منه تصوير الأمر، وكأن من يختلفون ويتصارعون سياسياً مع رئيس الحكومة وحكومته اليوم، قد نقضوا البيعة للحاكم وانقلبوا على الولاء لأسرة الحكم، وهذا أبعد ما يكون عن الحقيقة. فلولا التزام هذه المجموعة بمواد الدستور نصاً وروحاً وبالولاء لسمو الأمير وحب هذا الوطن والرغبة بحمايته من كل ما يضر به من فساد، لما تحركوا بهذا العزم والتصميم وتحملوا في سبيل ذلك كل ما أتاهم وسيأتيهم. أبي حفظه الله لا يمثلني سياسياً، فما بالكم بشيخ قبيلتي؟! إن القبيلة بالنسبة لي، كانت وستظل كياناً اجتماعياً تكافلياً لا أكثر، وليست هي بأي حال من الأحوال جسداً سياسياً، والمتماثل مع أفكاري السياسية، ولو كان من أبعد الناس عني دماً ونسباً، يمثل ما أؤمن به أكثر بكثير مما يمثلني المختلف عني في هذه الأفكار حتى ولو كان ابن عمي، بل ولو كان شقيقي. وكل قبيلة ستظل تحوي في داخلها من كل الأطياف السياسية والأفكار، من أقصى درجات المعارضة إلى أقصى درجات الموالاة، وبالتالي فإن كل فرد مسؤول عن فكره وما يؤمن به، ولا تتحمل القبيلة من ذلك شيء، لأن ليس للقبيلة توجه أو فكر سياسي عام حتى تلزم به أبناءها. شيخ قبيلتي، مع كامل الاحترام لشخصه، وبنفس درجة الاحترام لشخص كل مواطن صالح على هذه الأرض، لا يمثلني ولا يمثل سوى نفسه ومن يؤمنون بفكره، كائناً ما كان هذا الفكر، وتحركاته هنا وهناك لا تعنيني ولا تلزمني كابن لهذه القبيلة بشيء. إن من مقتضيات الحكمة والرشد في إدارة هذا البلد أن تُبعد هذه المحاور عن اللعبة السياسية، لأن جر المحاور الفئوية والقبلية والطائفية وإدخالها إلى دائرة الصراع السياسي، لن يزيد النار إلا سعيراً، وهذه النار حين يشتد سعيرها، لن تستثني أحداً وعلى الباغي ستدور الدوائر.

ياسادتي، ليس الصراع صراع حضر وبدو وأطياف الواقفين ضد الرئيس وحكومته ومعهم، تظهر هذه الحقيقة بجلاء، وليس الصراع صراع سنّة وشيعة، حتى ولو كان كل نواب الشيعة، عدا حسن جوهر، قد اختاروا القفز في قاطرة الموالاة العميقة في هذه المرحلة لسبب ما، لأن هناك العشرات من الشيعة يقفون وبحزم في خط المعارضة والرفض، وليس الصراع صراعاً طبقياً، فمن يرفضون الفساد ويقفون ضده قد صاروا اليوم من كل الطبقات. إنه وبكل بساطة صراع سياسي مستحق، ومن الواجب على أهل الحكمة والرشد أن يمنعوا خروجه عن هذا الإطار حتى الرمق الأخير، لأنه إن خرج على يد من لا يهمهم سوى انتصارهم ومجدهم الشخصي، فحينها لا عاصم وسيتجرع الجميع المرارة، ولا حول ولا قوة إلا بالله.

ملخص القول؛ بيعتنا لسمو الأمير راسخة، وتمسكنا بهذا الدستور راسخة، وحبنا لهذا الوطن قبل هذا جميعاً راسخ في عمق ذواتنا، وليعلم بذلك من يصرون على هذه المماحكات الرديئة.

back to top