الأغلبية الصامتة: ناصر 2006
تراكمت لدي المواضيع والأحداث، كل منها حل أوانه منذ زمن، حالة الأخ ضاري المير ووالده وليد الذي عوقب بقطع العلاج عنه وهو خارج الكويت لأن ولده ضاري ناشط سياسي ويحب وطنه بصدق وعفوية، تلك قضية تستوجب التركيز عليها لأنها مسألة إنسانية أولاً ومهملة إعلامياً بالدرجة الثانية، وقضية التعسف الرقابي ليس في معرض الكتاب فحسب ولكن طوال السنة، تستحق النقد والتداول ضمن نقاشات مستقبل الكويت الثقافي، خصوصاً بعد التطور التكنولوجي الذي جعل من الأدوات الرقابية خارج سياق العصر والعقل.هناك الكثير من القضايا لكن الحدث الجلل الذي وقع والطوفان القادم بعد العيد على أبعد تقدير سيجرفنا هذه المرة، إما إلى طريق جديد مجهول، وإما نعود من جديد إلى المربع الأول مع هموم متراكمة ونفوس مشحونة وحقوق مهدورة وأصوات مبحوحة، الله يستر.
* أوائل التسعينيات عاد إلينا الفنان الكبير عبدالحسين عبدالرضا بعمل كوميدي جديد هو "قاصد خير"، حشد فيه كتيبة كبيرة زخرت بألمع أسماء ممثلي البسمة وخفة الدم، القديم منهم والجديد، كان الضغط الشعبي على "قاصد خير" يفوق الوصف، لأن جمهور "بوعدنان" لا يريد منه مسلسلا كوميديا أقل من مستوى مسلسل "درب الزلق" الذي عبر تقلب الأزمان، وانتقل بخفة من جيل إلى آخر، ولا يزال الإقبال عليه مستمراً لما احتواه من خلطة سحرية لم يستطع أحد تكرارها من جديد. "قاصد خير" عندما عُرض للمرة الأولى كان مخيبا للآمال، على الأقل في المحيط الذي أعرفه، وهو بالمناسبة عبارة عن "مسجلات" تعيد "تسميع" مشاهد "درب الزلق" مع الفاصلة والأداء الحركي، بعدها بعدة أشهر أعيد بث "قاصد خير"، كنت ساهراً في شاليه مع الأصدقاء، وانضمت إلينا مجموعة أخرى من بينها صديق اسمه ناصر الشرهان "الله يذكره بالخير". هذا الشخص نبهنا إلى نقطة مهمة هي أن مشاهدة "قاصد خير" مرة ثانية وثالثة بدون مقارنة مع "درب الزلق" وضغط نفسي كشفت له جوانب جديدة في المسلسل، أخذت كلام صديقنا ناصر على محمل الجد وطبقته، وبالفعل كانت الإعادة ممتعة اكتشفت فيها مشاهد وحركات و"قطات" قمة في الفكاهة والمرح. من يذكر شخصية "مرزوقة سيسم" الطقاقة الشعبية صاحبة القلب الأبيض وتأثيرها المدمر في سحق كل أزواجها الذين رحلوا الواحد تلو الآخر؟ من يذكر شخصية "مهيل محماس" الذي جرّب الغناء "بأنكر الأصوات" وفشل، ولكن كونه صاحب شخصية ديناميكية غيّر تخصصه إلى بيع الخضار والفواكه ونجح فيه أيما نجاح؟ ومن يذكر شخصية المزواج من الخدامات ولزمته المشهورة كلما سأل "مريحتك عمي" فيقول "وايد... وايد"؟ هناك مشهد الاجتماع الليلي للعم "أبو ردح" في القهوة مع أركان إمبراطوريته المالية لتعديل مسارها الاقتصادي والإنتاجي، أرجوكم تابعوا ذلك المشهد ولاحظوا الحوارات والضحكات التي خرجت على النص وأضفت عليه الجمال "مرة ونص".بصراحة عندما طبقت قاعدة الإعادة على فيلم "ناصر 2006" وجدته مليئا بالأحداث من كل نوع "مضحكة ومؤلمة ومبكية"، الحقيقة خرجت بنتيجة واحدة هي كيف سكتنا نحن كشعب طوال هذه المدة على سمو الرئيس، ولم نسكن "ميدان" ساحة الإرادة منذ أزمة تعديل الدوائر الخمس وحتى يوم أمس؟