كل عام ونحن بخير، وعيدنا مبارك وأيامنا سعيدة، مهما كانت كل الأوضاع من حولنا تعيسة لا تحمل الخير ولا تبشر بالسعادة، لكن وبالرغم من كل الأمور السيئة التي تحيط بنا فلنتفاءل ولنحلم بالسعادة والخير لعلنا نجدها، ولعلها تحل علينا بقوة الرغبة وبطاقة الأحلام والأمل فيها، وبقدر تعطشنا لها.

Ad

ولنحلم بأننا في خير حتى نهزم الخوف والقلق الذي بات يحوطنا ويُصبح ويُمسي معنا في وطن تتناوش المخالب لحمه من كل صوب، وتغرز فيه الأنياب الناهشة لموارده وإمكاناته الحاضرة والمستقبلية.

لنحلم بالخير بالرغم من كل الفساد المستشري من حولنا، الذي بات سمة وصفة عامة مكشوفة الرأس ومجاهرة في فسادها، فلا خوف يردعها ولا قانون يلجمها ويحاسبها على طغيانها.

الفساد الذي تكرس وأصبح ظاهرة باتت تتفشى من دون رقيب ولا حسيب تخافه، فمنذ أن كُرست سرقة المليارات السابقة، باتت السرقات المليونية لا تمثل أي أهمية مقارنة بها، وباتت ظاهرة الفساد الصغيرة عادية تماما وحقاً مشروعاً خالياً من أي شبهة طالما أنها اتبعت طريق الريادة الذي افتتحه الفساد الكبير في غفلة حين ضاع الوطن، فلا مقارنة بين ما هو صغير وما هو كبير، فالكبير يبقى هو الكبير، ويبقى هو المرشد والمعلم والدليل.

فكيف نحزن على وطن بات "طوفة هبيطة" لكل من تسول له نفسه الفاسدة بتعديها وبنهب ما فيها، طالما لن يطوله قانونها ولن يحاسبه ضميره

لنحلم بالخير بالرغم من كل هذه الفوضى التي نعيش فيها والقلق من صورة مستقبل غامض غير واضح أو متجل أو مفهوم لنا.

ومن طوفان اتهامات ورشاوى وسيل الكلام الذي لا ندري إلى أين يقود أو يدل أو يشير أو يوصل.

لكن ليس أمامنا إلا أن نحلم بالخير حتى وإن كانت شوارعنا ليست إلا اختناقات مرورية وزحمة ليس لها مثيل مقارب، تأكل من أوقاتنا وصحتنا وأعمارنا.

شوارع مقلوبة مصارينها ومكشوفة على الأرصفة والطرق التي لا نعرف إلى أين تأخذنا أو تقودنا وإلى أي مصير أو درب ينتظرنا في متاهة محيرة.

فوضى وزحمة ومزيد من الارتباكات غير العقلانية، والشاطر من يخالف ويسابق ويسبق، حتى وإن داس على كل من حوله ومن أمامه ومن خلفه، "حوسه" لا يُعرف رأسها من أساسها.

وإلى متى يا ربي نبقى على هذا الحال؟!

ولمن نشكو له الحال؟!

آمنا بالله... هناك تصليحات وتوسعات وحفر خنادق لجسور وشق طرق جديدة، وهذه أمور نتحملها ونصبر عليها طالما انها في نهاية الأمر تعود بالفائدة على المصلحة العامة، لكن ألا توجد قوانين رادعة لمخالفي السير فهذه هي المشكلة، الأغلبية تخالف قوانين السير، لا أحد يحترم القواعد التي يفرضها الطريق، فمن أقصى اليمين إلى أقصى اليسار في غمضة عين، سرعة رهيبة لا تتقيد بالسرعة المحددة، ولا تهاب عين الكاميرا الراصدة، حرب شوارع بمعنى الكلمة، بحيث باتت الشوارع تمثل رعباً حقيقياً للأهالي، خوفاً على أنفسهم وعلى أولادهم، بتنا نحمد الله بعد كل عودة إلى منازلنا مع أولادنا سالمين.

إلى متى نحتمل هذه الفوضى التي ليس لها رادع حقيقي مثل ما فعلت الدول المجاورة؟

وإلى متى تضيع أيامنا وتسرق منا في زحمة الفوضى التي تهرسها من دون إنجازات تذكر، ونرحل أجندة العمل إلى اليوم اللاحق، وهكذا ندور في دوامة لا تنتهي وهدر لطاقة لا تنجز تحت قوانين لا تؤدي دورها بفاعلية منضبطة.

وتبقى المدينة تحت رحمة سيارات تنفث دخان عادم أسود يلوث المدينة بالسخام الذي يزيد كمية التلوث فيها، فشركات النقل العام لا تقوم بصيانة سياراتها لأنه ليس هناك قانون يخالفها على ما تسببه من تلوث، وأقصى همها هو كيفية زيادة أرباح رأسمالها، كذلك السيارات القديمة وأيضا الوانيت، كلها ملوثات عابرة لسماء وطن لا يحرسه القانون الذي حتى وإن وجد فهو حبر على ورق، وهناك ألف وألف طريقة لمخالفته من دون أن يقف بالمرصاد رادعاً.

كل عام ونحن نصر على أن نحلم ونترصد بالخير، حتى يأتي هذا الخير غصبا عنه.