رغم مرور أكثر من عام على دعوتي وزير البلدية د. فاضل صفر إلى إحالة تقرير لجنة تقصي الحقائق الذي أعده المستشار محمد بوصليب عن خسائر بلدية الكويت إلى النيابة العامة، والذي كشف عن تورط مجموعة من القانونيين العاملين في الإدارة القانونية وبعض المسؤولين لما يزيد على 77 مليون دينار كويتي فإن الوزير، للأسف، ساير أقوال المضحكين في الإدارة القانونية بأنه تم التحقيق من قبل الإدارة القانونية وأُحيل أحد المتهمين إلى النيابة العامة، رغم أن بعضا من المشتبه فيهم كان يعمل بالإدارة القانونية، ورغم أن التقرير القضائي الذي أعده بوصليب ورفع إلى مجلس الوزراء يوصي بإحالة المتهمين رجالا ونساء إلى النيابة العامة لتورطهم في جرائم الإهمال وتبديد الأموال العامة والمعاقب عليها وفق قانون حماية الأموال العامة، لا أن تجري أي جهات أخرى التحقيق على تحقيق اللجنة القضائية، فإن الوزير صفر ومدير البلدية أحمد الصبيح يبدو أنهما غير مدركين لخطورة تقرير المستشار محمد بوصليب القضائي ولا حتى المتسببين فيه، وإذا لم يتسن لهما الحصول على نسخة منه، فأنا على استعداد تام لتزويدهما به!

Ad

المصيبة في التقرير القضائي أنه انتهى إلى حصر الأضرار المادية بما يزيد على 77 مليون دينار كويتي، وأكد أن الخسائر العينية لا تحصى ولا يمكن تقديرها، ومثل هذه النتيجة كفيلة وحدها بأن تفتح باب المساءلة السياسية للوزير صفر ولقطاع البلدية بأكمله لجسامة الأفعال الواقعة في تقرير البلدية، والذي يحاول بعض المسؤولين، وأمام أعين أعضاء المجلس البلدي، «طمطمة» الأمر وإبلاغنا بسخافات إدارية لا تعني قضيتنا الرئيسية!

لا أعلم ما سبب خوف الإدارة التنفيذية في بلدية الكويت من إحالة تقرير لجنة التحقيق القضائية إلى النيابة العامة لمحاسبة المتهمين فيها وتوقيع أقصى العقوبة بحق المتسبب منهم؟ ولا أعلم ما سبب تردد أعضاء المجلس البلدي في معرفة الحقيقة من وراء عدم إحالة هذا التقرير إلى النيابة العامة؟ ولا أعلم هل خسارة الدولة لمبلغ 77 مليون دينار بسبب عبث وتلاعب وإهمال البعض أمر في غاية البساطة لكي يمر علينا مرور الكرام؟!

أذكر شخصيا التضليل الذي مورس في إحدى جلسات المجلس البلدي عندما ذكر أحد المسؤولين أن تقرير المستشار بوصليب انتهى إلى إحالة موظف واحد فقط إلى النيابة العامة، في حين أن كذب ذلك المسؤول سينفضح إذا قرأ الوزير صفر التقرير بنفسه، ووجد أن هناك أكثر من 7 إلى 9 أشخاص يطالب التقرير القضائي بإحالتهم إلى النيابة العامة لتورطهم في القضية، وما رد ذلك المسؤول في تلك الجلسة إلا أن يبعدنا عن حقيقة نتائج التقرير القضائي ليهمش القضية برمتها وإلا كيف يكون موظف واحد مسؤولا عن خسارة 77 مليون دينار وملايين أخرى لم تتمكن التقارير القضائية لكونها عينية من حصرها؟!

لا يمكن بأي حال من الأحوال أن تهمش قضايا الاعتداء والإهمال للأموال العامة بهذه الطريقة السخيفة، وأن لا يتم إحالة المتسبب إلى التحقيق ومن بعدها إلى القضاء لينال جزاءه العادل، فالمال ليس مالا خاصا يهدره ويبدده ويهمله مثلما يريد، وإنما المال مال عام ومال يخص أجيالا ومقدرات يجب الدفاع عنها والعمل على حمايتها حسبما ينص القانون.