لعل من أكثر الأمور التي تساعد على إضعاف موقف الحكومة في كثير من القضايا الاجتماعية والاقتصادية الداخلية خاصة والخارجية وجود مسؤولين في كثير من الأجهزة لا يملكون الحس السياسي، ولا يدركون آثار قراراتهم على وضع الحكومة في مواجهة المجلس والشارع الشعبي، فيتسببوا في إحراج الوزراء ودفعهم إلى مواجهات لم يستعدوا لها وضغوطات لم يتجهزوا لردها أو التعامل معها.

Ad

فتبدأ عملية التنازلات والقرارات المتعجلة فيزيد الضاغطون من محاصرة الوزير ورفع سقف مطالبهم أمامه فتظهر الحكومة في أضعف صورة، وتضطر إلى اتخاذ قرارات غير مدروسة ويطغى الرأي السياسي على الرأي الفني، وتفتح أبواب الاجتهاد اللحظي وتتبدل السياسات تحت ضغط التصريحات المضادة والتهديدات النيابية والنقابية والشعبية.

وتهتز صورة الحكومة في أعين الناس ويرسخ في قلوب الناس يقين بأن الحكومة لا تستطيع أن تلبي مطالبهم إلا تحت الضغط، فتنتشر العدوى إلى كل قضية، فتختل الموازين، وتتعطل المؤسسات، وتتداخل الاختصاصات وتتميع المسؤوليات، ويضطر الوزير إلى التدخل في صلاحيات المسؤولين التابعين له لإنقاذ نفسه وتخفيف الضغط عليه... ولعل أقرب مثال على ذلك ما حدث في قضية قبول الطلبة الناجحين في جامعة الكويت، والتضارب بين تصريحات مدير الجامعة وتصريحات وزير التربية والتعليم العالي.

وما كان من تصاعد أرقام الطلبة المقبولين وكأننا في سوق للمزاد... نحن أيها السادة نعيش في دولة مؤسسات أو هكذا يفترض أن تكون... ولكي نحترم هذه المؤسسات يجب أن يكون على رأسها أناس يستطيعون أن يديروها لخدمة الشعب وتحقيق طموحاته، ويجب أن يبذلوا وسعهم في ذلك وألا يعزلوا أنفسهم عن حاجات الناس وطموحاتهم، ويجب ألا تصدر عنهم قرارات إلا بعد دراستها ومراجعتها فإذا صدرت فيجب عليهم أن يدافعوا عنها، ولا يتراجعوا فيها إلا إذا تبين لهم خطأها، كي لا تهتز صورة مؤسسات الدولة في عيون الناس  فيتجرأوا عليها ويفقدوا الثقة فيها فتنهار الدولة لبنة لبنة.

***

مبارك عليكم الشهر وتقبل الله طاعاتكم وأعانكم على صيامه وقيامه وعساكم من عواده.