يحزنني ما تتداوله وسائل الإعلام من قصص مؤلمة يمارس فيها الظلم على الإنسان، ومع الأسف من أقارب الإنسان نفسه، إذ قرأت قبل أيام عدة خبراً عن عائلة زوج فتاة أفغانية تبلغ من العمر 15 عاماً عذبتها وضربتها وحبستها في دورة مياه لشهور بعد أن رفضت العمل كعاهرة.

Ad

وكانت سحر جول (المجني عليها) في حالة حرجة عندما أنقذت من منزل في إقليم بغلان شمال البلاد الأسبوع الماضي، بعد أن أبلغ جيرانها أنهم سمعوها وهي تبكي وتئن من الألم، وذكرت شرطة بغلان أن عائلة زوجها اقتلعت أظافرها وحلقت شعرها وحبستها في دورة مياه مظلمة لنحو خمسة شهور، ولم تكن تقدم لها ما يكفي من الطعام والمياه.

هذا هو الخبر حرفياً، لك أن تتخيل العذاب الجسدي الذي عاشته تلك الفتاة، ناهيك عن تمسكها بأخلاقها معاندة جميع الظروف حولها، كيف ستعيش الآن مع هذا الكم من الجرح الغائر في روحها وجسدها، وكأن الرحمة أبيدت في قلوبهم؟! ناهيك عن الظاهرة البشعة التي انتشرت في اليمن في السنوات الأخيرة بتزويج طفلات يمنيات لشباب ورجال من العشرين حتى السبعين من أعمارهم، كنوع من التجارة يستفيد منها الأهل مادياً، أو للاستفادة من هذا الزواج لمصالح أخرى، وتحديداً في أبريل 2010 توفيت فتاة يمنية في الثالثة عشرة من العمر بسبب نزيف حاد ناجم عن تعرضها للعنف الجنسي، وذلك بعد أربعة أيام فقط من تزويجها عبر ما يعرف بـ"زواج البدل"، كما أعلنت منظمة حقوقية يمنية، وزوجت بالبدل بأن تم تزويجها إلى زوجها الثلاثيني مقابل تزويج أخت زوجها إلى أحد أفراد عائلتها.

وأخيراً قرأت في جريدة "القبس" الكويتية خبراً فحواه أن مواطناً سعودياً عرض طفله، الذي لم يتجاوز عامه السادس، للبيع مقابل 20 مليون دولار، عبر موقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك".

أصبح في عالمنا العربي والإسلامي ممارسات ضد الإنسانية بشكل صارخ، مع الأسف بعضها يمارس من أناس لديهم ثقافة دينية وليسوا بجهلة، ولكن الإنسانية لا تحتاج إلى دين بقدر ما تحتاج إلى رحمة في القلب.

تلك الانتهاكات في حق المرأة والطفل مؤلمة فعلاً، وتحتاج إلى جهات فاعلة وقوية وذات طبيعة قانونية حتى تستطيع أن توفر لهم الحماية إن تعرضوا للبيع أو التحرش أو غيره من الممارسات البشعة، نحتاج إلى حملات حول العالم تقف إلى جانبهم، وتأخذ بيدهم وتوفر لهم الحماية والحياة الكريمة.

نحن هنا نعيش حياة مريحة لا نعرف عن هموم البشرية الكثير، اقتصرت همومنا على بقعتنا المحلية، ونسينا الإنسانية أمّنا الكبيرة التي لو انعدمت من قلوبنا اليوم، لانعدمت من قلوب أجيال قادمة لم تربَّ على حب العطاء، والاكتراث لمشاكل العالم!

قفلة:

يقول الشاعر الراحل محمود درويش:

"وأنت تعود إلى البيت، بيتك، فكّر بغيرك

‎لا تنس شعب الخيام

وأنت تنام وتحصي الكواكب، فكّر بغيرك

‎ثمّة من لم يجد حيّزاً للمنام"

صدقت!