البُعد الاقتصادي للواقع الجديد
![آدم يوسف](https://storage.googleapis.com/jarida-cdn/images/1463597677535940800/1463597704000/1280x960.jpg)
دار حديث كثير في الندوة في ما يتعلّق بالإسلام السياسي، ومستقبل هذه الأوطان الثائرة بعد صعود نجم الجماعات الإسلامية، واستيلائها على السلطة، مما شكل صدمة للتيارات الأخرى من القوميين، أو الليبراليين، وما شابه، ربما يهدد صعود نجم هؤلاء حتى الإسلام الوسطي غير المتشدد، ففي مصر مثلا بدأت تعلو أصوات بأن «الأقباط أقلية» مما يشي ضمنا بالدعوة إلى هضم حقوقهم، وبدأنا نسمع ونقرأ عما يُطلق عليه «أمير المؤمنين» في إشارة إلى الولاية الإسلامية الجديدة. وواضح أن هذه الأصوات التي تدعو إلى إعلاء الجانب الديني على حساب الدولة المدنية هي الشرارة الأولى لانطلاق الفرقة، والتصارع بين أبناء الدولة الواحدة، وهو صراع ربما يتمدد حتى يمس الطوائف المختلفة داخل الديانة الواحدة ذاتها، وهنا يرجع الحديث عن الحقوق المدنية، وبناء الاقتصاد، والمحاسبة السياسية، يرجع الحديث عن كل هذه الأمور إلى الوراء، ليصبح تناحرنا حول رؤية محددة للدين وتفسير لنصوص، هي أرحب وأكثر اتساعا من ذهنية هؤلاء المتشددين أنفسهم.الحديث عن علاقة بين الجمهور والنخبة قد لاينتهي لصالح هذه الأخيرة، سواء كانت نخبة اقتصادية أم سياسية، وثقافية، فالجماهير التي انتفضت وصنعت الثورة، ربما لم تفعل ذلك إلا ليأسها من هذه النخبة التي تتحسس مقاعدها، وحساباتها البنكية، قبل أي خطوة تقوم بها، هذه الجماهير الثائرة تعود خلفياتها الثقافية إلى مرجعيات بسيطة، وفي جلّها قروية، ويتشكل وجدانهم من تعليم ديني في الأساس، حتى وإن تفرعوا في صنوف علمية أخرى بعد ذلك؛ لذا كان سهلا على هؤلاء إعطاء أصواتهم إلى مرشحين ذوي خلفيات دينية.من طريف ما ذكر في هذه الندوة أن ميزانية تعليم التلميذ الواحد، في المراحل الأولى توازي تلك المخصصة للطالب في الولايات المتحدة الأميركية، ومع ذلك يظل التعليم لدينا متخلفا جدا مقارنة بالوضع الأميركي، فما جدوى تلك الأرقام الهائلة التي تصرف؟ أم ان الأمر يتعلق بخط استراتيجي، وترضيات في مجال المناقصات مما يفتح الأبواب مشرعة أمام ظاهرة الفساد الإداري.