كثيرة هي الحكايات الطريفة التي قرأتها عن "التوائم" لكن أطرفها هذه الحكاية:

Ad

من الاكتشافات الأولى للعالمين السويسريين التوأم "أوجست بيكار" وشقيقه "جين فيلكس"، أنه يمكن أحياناً لشخصين أن يقضيا مصلحة معينة ولا يدفعا سوى ما يدفعه شخص واحد مقابل قضاء هذه المصلحة!

ففي إحدى المرات عندما كان الأخوان في زيارة لمدينة غريبة، ذهب "أوجست" إلى أحد الحلاقين ليحلق ذقنه، وقال له: أرجو منك أن تحلق شعر ذقني حلاقة ناعمة وأن تحرص على ذلك أشد الحرص، إذ إنني أعاني نمواً غريباً للحيتي لدرجة أنني بعد ساعتين من حلاقتها أجد نفسي مضطراً لحلاقتها مرة ثانية!

قال له الحلاق ساخراً: أتقول بعد ساعتين؟! أنا على استعداد لأن أحلق لك لحيتك بالمجان إن عادت للنمو من جديد بعد ساعتين!

قال أوجست: هل تعني ما قلت؟ أجابه الحلاق بتحدٍ: طبعاً!

بعد ساعتين حضر أخوه "جين فيلكس" إلى الحلاق والسواد بادٍ في ذقنه، مطالباً إياه بحلاقة مجانية قائلاً له: والآن هل تصدقني؟!

بعض نوابنا الأكارم بدأت أشك في أن بعضهم لديه توأم لا نعلم عنه شيئاً، يظهر في وقت يختفي فيه الآخر ليقول قولاً غير الذي يقول به توأمه ويتخذ موقفاً مناقضاً لموقفه، فأنا لا أصدق أن نفس الشخص الذي يقف موقفاً صلباً ضد ضرب المواطنين في الكويت، هو نفسه بشحمه ولحمه من يقبل بضرب البحرينيين، وأن من يرفض ضرب البحرينيين هو نفسه من يقبل ضرب السوريين، وأن من يدافع عن الدستور هو نفسه من يدوس في بطنه، وأن من يدافع عن الحريات هو نفسه من يقف ضدها، ولقد ركزت ودققت طويلاً وملياً في ملامح بعض النواب في الجلسة الأخيرة، إذ راودني الشك بأن النواب الذين وافقوا على إحالة استجواب أحمد الفهد إلى "التشريعية" هم أنفسهم من وقفوا موقفاً معاكساً من إحالة استجواب ناصر المحمد، مع تطابق الظروف والأسباب!

***

يقول مراسل وكالة "رويترز" الذي اعتقل لأربعة أيام في السجون السورية:

"تسنى لي رؤية رجل وضعوا رأسه في كيس يصرخ من الألم أمامي، وحين طلبوا منه أن ينزع سرواله رأيت أعضاءه التناسلية المتورمة مربوطة بسلك بلاستيكي، قال الرجل: ليس لديّ ما أقول، لست خائناً ولا ناشطاً، أنا مجرد تاجر، فانتزع رجل ملثم زوجاً من الأسلاك الكهربائية وصعقه في رأسه"... "تمددت لفترات طويلة على خشبة في زنزانة بلا نوافذ ومليئة بالصراصير، ذكرتني الصرخات التي أسمعها من وقت لآخر أين أنا، وضعوني في الحبس الانفرادي وكانوا يعطونني قطعة من الخبز الجاف أو حبة من البطاطس مرتين يومياً"... "بالطبع لست أول النزلاء في هذه الزنزانة، أحد أسلافي غير المعروفين حفر عبارة على الحائط بأظافر يديه تقول: ربنا على الظالم"!

لمثل هذا "تغضب" الشعوب وتثور في وجه الحكم الدكتاتوري، أما تلك التي مَنَّ الله عليها بنعمة الديمقراطية، فعليها أن تحسن ممارستها لحرية التعبير، وتلتزم بالقانون وتطبقه، وتصلح ذاتها قبل إصلاح الدولة، وألا تجعل من "الفراغ" و"التقليد الأعمى" معولاً يهدم كل مكتسباتها الدستورية عبر السنين!