ليش... تأخرنا

نشر في 08-02-2012
آخر تحديث 08-02-2012 | 00:01
No Image Caption
 يوسف عبدالله العنيزي نحن من عاش فترة الستينيات والسبعينيات من القرن الماضي نشعر بحسرة وألم لما آلت إليه أوضاعنا من ترد في جميع مجالات الحياة حتى أصبحت عبارة "حسافة عليج يا كويت" تسمعها أينما ذهبت، لقد كانت التنمية والبناء يسيران على قدم وساق في ظل حياة سياسية واجتماعية وثقافية وأدب ومعارضة راقية في طرحها وأفكارها، راقية في حوارها ومسرح حركتها قاعة "عبدالله السالم" التي يكن لها الجميع كل التقدير والاحترام، فهي عنوان ديمقراطية ارتضيناها، فغدت محل حسد وغيرة من الكثير من الدول سواء في منطقتنا أو خارجها.

ولنا أن نتساءل: من المسؤول عن هذا التأخر والتراجع؟ مجلس الأمة يلقي باللائمة على الحكومة، والحكومة تؤكد أن السبب هو المجلس الذي يضع العراقيل في عجلة التنمية، وفي اعتقادي أنه على الرغم من تحمل المجلس والحكومة مسؤولية تراجع البلاد فإننا لا نستثني الشعب بكل أطيافه والذي انقسم إلى فئات.

فهناك فئة آثرت السلامة، فبعدت عن الحياة السياسية العامة ورفعت يدها وأصبحت متفرجة، وغدا "التحلطم" سلاحها فأعطت الفرصة لكل ذي غرض أو سوء نية ليغرس مخلبه ويخرب المجتمع، وفئة استغلت الأوضاع فرفعت شعارات وقادت تجمعات وحشودا وبدأت تفرض "نهجها" على البلاد، وفئة ركبت الموجة مستفيدة من هذا الحراك الذي لم يكن لها فضل في خلقه.

أضيف إلى ذلك أموراً قد تكون أيضاً من أسباب تراجعنا منها على سبيل المثال:

- بقاء المراكز القيادية حكراً على شخصيات معينة ولفترات تتجاوز عقوداً من السنين، خصوصاً إذا ما كانت هذه القيادات لم تحاول أن تمزج ما اكتسبته من خبرة مع متغيرات الواقع، ولاسيما في المجال التقني والتخطيط المتطور.

- العمالة الوافدة التي تجاوزت نسبة 65% من السكان أصبحت عبئاً على التنمية بدل أن تكون مساعدة في تحركها، خصوصاً في ظل نسبة تفوق 50% منها أمية لا تعرف القراءة أو الكتابة، فهي غير قادرة على استيعاب قوانين البلاد، فأصبحت العمالة السائبة سمت شوارع الكويت.

- تفشي ظاهرة مكاتب الخدم وتجار الإقامات وظهور مناطق تفتقد لأبسط مستويات المعيشة والأمن.

- هيمنة الدولة على مفاصل الاقتصاد واستبعاد القطاع الخاص عن المشاركة في التنمية والتطور.

- غياب اتخاذ القرار والتردد فيه وإلغاؤه أحياناً نتيجة لضغوط نيابية، فأصبح الجمود صفة ملازمة للسلطة التنفيذية ماعدا ما يطلق عليه بالقرارات الشعبية، وأغلبها ذات طابع ومكاسب مادية.

- صراع الديوك والمصالح بعيداً عن مصالح الوطن وتجاوز هذا الصراع حاجز التنافس إلى مرحلة كسر العظم، فغدا الوطن والمواطن ضحية لهذا الصراع.

- في الوقت الذي يعتبر الإعلام الكويتي رائداً في الساحة العربية بأسرها فإنه أصيب بجرح عميق في مصداقيته نتيجة لدخوله جوقة الردح والشتم والذم، وأصبح صدىً لأصوات ملاكه حتى لو تعارض مع مصالح الدولة.

- ولعل أخطر ما يقودنا إلى التخلف والدخول في منطقة غاية في الخطورة ظاهرة الفرز الطائفي والقبلي والطبقي، وتقسيم الدولة إلى مناطق داخلية وخارجية على الرغم من صغر مساحة الدولة، وتدني نسبة المعمور منها، مع اتساع الفارق الطبقي والاجتماعي بين مكونات المجتمع. ويعد ما حدث في منطقة العديلية أخيراً مؤشراً غاية في الخطورة يجب أن يصل صداه إلى كل أركان الدولة لنقف عنده ودراسته بعمق وتجرد ووضع أسس وقواعد يجب أن تؤدي إلى خلق مجتمع تذوب فيه قدر الإمكان تلك التقسيمات والفوارق.

إن الكويت تمر بمنعطف خطير في ظل أوضاع غير مستقرة في منطقتنا لا أحد يعلم إلى أين تسير، وما حجم تأثيرها علينا؟

لذا فالواجب يحتم علينا أن تكون الفزعة للوطن تتجاوز ما عداها، فما يصيب الوطن من ضرر لن يستثني أحداً أو فئة دون أخرى...

حفظ الله الكويت وقيادتها وأهلها من كل سوء ومكروه.

back to top