تحل علينا الانتخابات رقم 14 في عمر ديرتنا المديد، ونحن في حالة من الفوضى المتراكمة بين الجميع دون استثناء، نعاني قلقاً وإحباطاً لا ينبغي له أن يكون كذلك. تعودنا على المستوى العربي منذ نكبة فلسطين 1948 أن نسمع عبارة «شعار المرحلة» لإيقاف أي تطور أو تقدم لأمتنا العربية، واستمرار التدهور في الحريات وكرامة الإنسان، وكان القادة العرب أيا كان توجههم يستخدمون شعار مرحلتهم لضرب أي حراك شعبي يدفع نحو الانفتاح السياسي، وهكذا ساد فترة من الزمن شعار "لا صوت يعلو على صوت المعركة" حتى اكتشفنا أن المقصود بالمعركة هو حرب شعواء يشنها حكامنا على شعوبهم وإنهاء قدرتهم على التغيير وحرية التعبير فكان كل من يطالب بالديمقراطية إما خائناً أو عميلاً ولك أن تختار بينهما. أما في الكويت فكان دخولنا للديمقراطية أكثر سلاسة وخروجنا منها وتشويهها وتزويرها أسرع مما دخلناها بدءاً بالقوانين غير الدستورية عام 1966 وتزوير الانتخابات عام 1967 ومحاولة تنقيح الدستور سنة 1982 والحلين غير الدستوريين عامي 1976 و1986 حتى أصبحت ديمقراطيتنا عرجاء مهشمة، نراها ولا نراها، كسراب بقيعة. ومع ذلك ومع كل ما جرى ويجري من محاولات لتكفير الناس بالدستور والديمقراطية فإن الأداء في وقت الأزمات والملمات أثبت أن ديمقراطيتنا العرجاء قد أسهمت في إخراجنا من أزمات طاحنة مثل التوافق في المؤتمر الشعبي إبان الغزو أو خلال أزمة الحكم في ديسمبر 2006، وبالتالي لا ملجأ لنا من عيوب الديمقراطية إلا المزيد منها لإصلاحها. حالة الاحتقان في المزاج العام، والفردية في العمل السياسي والصراعات الفوضوية بين فئات وشرائح وأفراد أثرت بشكل واضح حتى على شعارات المرشحين فجاء أغلبها باهتاً لا لون لا طعم لا رائحة له. بل إن السمة الغالبة في هذه الانتخابات لا تركز على المستقبل وكيف سنكون، بل على كيف لا نكون، فالخطاب الانتخابي تحول إلى ضرب وعنف لفظي على مرشحين آخرين، ومن ضمنها مفردات الشتم والسباب بدلاً من الرؤية المتكاملة، وكأن شعار المرحلة هو كيف تقضي على خصومك في عدة أيام وليس كيف نبني مستقبلاً. كنت قد توقعت في مقالة سابقة لي أن تكون انتخاباتنا الحالية من أقسى الانتخابات من حيث تبادل الضرب تحت الحزام، مما يضع علينا مسؤولية كبرى في المشاركة وحسن الاختيار، فهما المدخلان الرئيسيان لمساعدة بلادنا على النهوض والحرية والاستقرار.
Ad