رحل معمر القذافي يوم الخميس الماضي منهياً واحدة من أطول فترات حكم ديكتاتوري لفرد واحد في العصر الحديث. رحيل الديكتاتور، أي ديكتاتور كان، وكيفما كانت الوسائل هو حدث إيجابي، يفتح باباً للأمل في حياة أكثر أمناً وعدالة. إلا أن الخشية دائماً تكمن في إمكانية استبدال الديكتاتورية بغيرها، والتي قد تبدو مؤشراتها في أسلوب تعامل النظام الجديد مع الديكتاتور وفلول نظامه المنهار. فمن غير المقبول التمثيل بالجثث وعرضها على أجهزة التلفزيون، وكذلك من غير المقبول الشماتة بجثة إنسان ميت حتى لو كان هو نفسه منعدم الإنسانية. ومع أنه في حالات النزاع المسلح تكون السيطرة على الأوضاع صعبة، فإنه من الضرورة إجراء تحقيق في حالات القتل الشخصي خشية تحوله إلى عمل ممنهج، ومن ثم نشر نتائج ذلك التحقيق على الملأ.

Ad

رصدت محطة اي بي سي الأميركية سبع غرائب للقذافي ميّزته عن غيره من ديكتاتوريي العصر وقد أضفت إليها "غريبة" ثامنة تجاهلتها المحطة كما يبدو. أما الغرائب الثمانية فهي كالتالي:

الأولى: استخدامه لخيمة مضادة للرصاص وهي ثقيلة لدرجة أنه يتم نقلها بطائرة خاصة بها، لينصبها في الدول التي يزورها وعادة ما يزينها ببعير أو اثنين لزوم الديكور.

والثانية أنه ظل يحتفظ بحراسة نسائية مُشكَّلة من 40 امرأة، يتولى القذافي شخصياً اختيارهن بعناية، ويتم تدريبهن في أكاديمية أمنية نسائية فقط. ويقمن بالقسم على عذريتهن قبل انضمامهن، ويطلق عليهن لقب الامازونبات. الغريب أيضاً أنه لم يتم رصد وجود أي منهن لحماية القذافي عندما كان في حاجة إليهن، أما الثالثة فهي احتفاظه بممرضة خاصة من أوكرانيا يطلق عليها اسم جالينا كولوتينسكا، والرابعة هي ولعه الشديد بوزيرة الخارجية الأميركية السابقة كوندوليسا رايس، حيث كان قد تغزّل فيها أكثر من مرة، بل إنهم وجدوا في غرفته الخاصة ألبوم صور خاصاً لكوندي تم تجميعه بعناية كبيرة، وقد عبر عن ولعه بها في آخر زيارة لها لطرابلس في 2008 بمنحها هدايا زادت قيمتها على مئتي ألف دولار كان من ضمنها خاتم وعود. أما الخامسة فهي خوفه من الطيران وركوب المصاعد، ويعود سبب سفره بخيمته لكي يضمن عدم اضطراره لركوب المصعد فيما لو أقام في أحد الفنادق. كما أنه يرفض صعود أكثر من 35 درجة، وهو لا يسافر لأكثر من 8 ساعات، ولذا إن اضطر لحضور اجتماعات الأمم المتحدة في نيويورك فإنه عادة ما يبيت ليلة في البرتغال. أما السادسة فهي ما أفادت به كريمة المحروق الشهيرة بروبي سارقة القلوب، أثناء التحقيق معها بتهمة تحرش رئيس الوزراء الإيطالي بها، بأن لدى القذافي طقوس جنس جماعية تعلمها بيرلسكوني من القذافي، أما السابعة فهي تفوقه على جميع الرؤساء بأكثر الملابس "فقاعة" للألوان حتى انك تميّزه دون تعب في أي صورة جماعية لرؤساء العالم. انتهت غرائب معمر كما رأتها المحطة الأميركية وهي في أغلبها صحيحة ومثيرة للجدل وتعطي انطباعاً عن غرابة تلك الشخصية التي حكمت ليبيا بالحديد والنار على مدى 42 عاماً. أما الثامنة التي لم تعنِ الكثير للمحطة الأميركية فهي ما كشفته الوثائق التي تم العثور عليها في مبنى الاستخبارات الليبية، والتي كشفت عن تنسيق واضح بين المخابرات الأميركية والبريطانية وتوني بلير رئيس الوزراء البريطاني السابق الذين كانوا شركاء معه منذ زمن طويل، وبالذات في قضايا التسلح ومكافحة الإرهاب وتسليم المشتبه فيهم لليبيا سرياً، ولذلك كان القذافي يصرخ بأن الثائرين ضده هم من تنظيم القاعدة ومدمني المخدرات، ظناً منه أنها كانت نقطة اتفاق مع الغرب.

ذهب القذافي وهو وإن تميّز على غيره بغرائبه فإنه مشابه لغيره من الديكتاتوريين العرب وغير العرب الذين يصبحون مع الوقت ضحايا أنفسهم ووهمهم بالعظمة، ليتحول ذلك الوهم إلى جريمة تمشي على قدمين، ويصبح دماء أبرياء تسيل، وأوطاناً تختطف باسم القائد الملهم، ومصائر بشر تضيع هباءً كرماد تذروه الرياح.