المعارضة التقليد !
مشكلة المعارضة «التقليد» تكمن في أنها لا تملك الوزن السياسي داخل المجلس ولا الثقل الشعبي خارجه لتقليد نهج المعارضة الحقيقية، وبالتالي سوف يكون موقفها في غاية الضعف، بل قد تتحول إلى أضحوكة برلمانية عابرة خصوصاً نوابها المستجدين سنة أولى سياسة!
المعارضة القوية التي أطاحت بحقبة الشيخ ناصر المحمد السياسية ونجحت في حل مجلس الأمة عادت أقوى مما كانت، سواء من حيث العدد أو من حيث الخبرة السياسية مقارنة مع مجلس 2009، ويبدو أنها باتت تتحكم بالأغلبية المطلقة في البرلمان الجديد، بل بإمكانها في حال بقائها متماسكة أن تفرض برنامجها السياسي خلال المرحلة القادمة.وعلى الرغم من اختلافي مع كتلة المعارضة العريضة في موقفها من التشكيل الحكومي الأخير ومبالغتها في عدد الحقائب الوزارية التي طالبت بها، الأمر الذي فوت فرصة لا تعوض أمام تشكيل وزارة تاريخية بنائب أول ووزير سيادي شعبيين ودخول شخصيات تمثل رجال دولة بحق، فإن هذه المعارضة ما زالت مهيمنة وبيدها مصير بقاء الحكومة، وقد يساعدها ذلك في توجيهها كيفما تشاء دون كلفة المشاركة فيها سياسياً. ولهذا فإن الهدنة التي أعلنتها المعارضة لمدة ستة شهور كفيلة بإقرار سلة تشريعات مهمة من شأنها أن تغير معالم الحياة السياسية في الكويت، وخاصة إذا سنت قوانين محاربة الفساد واستقلالية القضاء، ومعايير تعيين الوظائف القيادية، وقانون الوحدة الوطنية ومسارات خطة التنمية، إضافة إلى فتح ملفات الفساد المالي.وفي هذا الإطار فإن كتلة المعارضة اختارت أن تستمر في جبهة المعارضة وبرؤى محددة، وقضايا واضحة، ونهج ثابت ومكمل للبرلمان السابق، اختلفنا أم اتفقنا معها في التفاصيل أو أسلوب الخطاب أو تنوع أطيافها وشخصياتها.ولكن في المقابل هناك كتلة أخرى في المجلس الجديد أطلقت على نفسها أيضاً مسمى المعارضة، وهي في الحقيقة مزيج من نواب سابقين وجدد اختاروا خط المعارضة كتسمية بعد رحيل رئيس الوزراء السابق مباشرة، وقبل تعيين رئيس جديد وتشكيل حكومته وحتى قبل حل مجلس الأمة، ولهذا فإن هذه المعارضة ليست ضد الحكومة بالمفهوم السياسي إنما معارضة للمعارضة المشار إليها فقط، حيث لا تملك حتى رؤية محددة وأولويات معلنة سوى ما أعلنه بعض المرشحين ممن فازوا بعضوية المجلس أثناء حملاتهم الانتخابية من نتف الريش وسب زملائهم من نواب المعارضة والتصدي لهم في المجلس!ولذلك يمكن أن نطلق على هذه الكتلة بالمعارضة «التقليد» لأنها ببساطة سوف تتقمص شخصية كتلة المعارضة الحالية، وتحاول تقليد ما كانت تقوم به في المجلس السابق، رغم أنها كانت تعيب عليها وتعتبرها غير دستورية ولا أخلاقية، وبالفعل فإن المعارضة «التقليد» لم تنتظر سوى بضع دقائق على افتتاح المجلس الجديد لتبدأ معركتها التي سوف تتدرج من الصراخ داخل القاعة لتخريب الجلسات بالتزامن مع التصعيد الإعلامي في الفضائيات، وتنتهي بتقديم سيل من الاستجوابات، وخاصة لرئيس الوزراء من أجل حل مجلس الأمة!ولكن مشكلة المعارضة «التقليد» تكمن في أنها لا تملك الوزن السياسي داخل المجلس ولا الثقل الشعبي خارجه لتقليد نهج المعارضة الحقيقية، وبالتالي سوف يكون موقفها في غاية الضعف، بل قد تتحول إلى أضحوكة برلمانية عابرة خصوصاً نوابها المستجدين سنة أولى سياسة!