حين أسمع المسؤولين في بلدي يحذرون من مغبة الانفلات الاقتصادي والتدهور العام في أداء الحكومة والصرف غير المبرر والهدر المبرمج، وتأخر المشروعات الحيوية، وتباطؤ برامج التنمية، حين أسمع هذا أسأل نفسي وأعتقد أن كل مواطن ومقيم في هذا البلد وكل مراقب أو متعامل خارجي مع الكويت يشاطرني هذا السؤال:

Ad

من المسؤول عن كل هذا؟ من بيده القبض والصرف والتقرير وتحديد الأولويات والتنفيذ؟ أليست حكومة دولة الكويت؟  أم أن غزوا فضائيا دخل بلادنا وعاث فيها فسادا وخرج دون أن تكتشفه أجهزة الدولة؟

تكرر هذا في أكثر من مناسبة، وفي كل مرة تستدعى نفس المجموعة من خبراء الكويت ليقولوا كلمتهم بعد عشرات الاجتماعات في تقرير يبين المثالب ويقترح الحلول، ثم لا نسمع شيئا عن التنفيذ. الفساد يستشري والخدمات تتدهور والتذمر يزداد والصرف مستمر ومتزايد ولا خطوة واحدة إلى الأمام.

فعلى من نحن نضحك؟ ولماذا لا نعترف بأن الإصلاح ليس في نيتنا ولم يكن هدفا مخلصا في أي يوم من أيام كويتنا الحبيبة. نعم نحن نهدر الملايين لتصب في جيوب المنتفعين من الفوضى والفساد وتهدر الملايين في شراء الذمم وتخدير المواطن وزيادة ولائه للمصلحة الخاصة على حساب مصلحة البلاد.

عشرات اللجان شكلت منذ استقلال الكويت واختيار النظام الديمقراطي، ونوقشت الكثير من قضايا الوطن، ولكن ما المحصلة؟ ولماذا أصبح بلدنا في آخر قائمة مجلس التعاون تطورا بعد أن كانت الكويت درة الخليج ومصدر إلهامه؟

لقد أعطى الإخوة الأعضاء في اللجنة الجديدة كل ما عندهم طوال الأعوام الخمسين الماضية وتولى أغلبهم مناصب رسمية، ولم يستطيعوا عمل شيء لإصلاح ما أفسده ويفسده المفسدون. إن دعوة الحكومة لهؤلاء مرة أخرى ليس لها داع أو مبرر، فبرامج الإصلاح موجودة في أدراج الحكومة وملفات مجلس الأمة وفي الكتب والتقارير العديدة التي قام بها مواطنون أو قامت بها مكاتب استشارية دفعت لها الملايين لدراسة أوضاع البلاد واقتراح الحلول. وما زال حبر تقارير هارفارد ومكنزي والبنك الدولي وبلير وغيرهم كثيرون ممن أتوا واستمعوا للناس وكتبوا حلولا موجودة أصلا وقدموها للحكومة على أنها من اجتهادهم وقبضوا الثمن من المال المهدور والنية غير الصادقة للإصلاح.

تمنيت لو أننا هذه المرة دعونا إلى جنة من شباب البلد لنسمع أفكارهم، وهي كثيرة على "تويتر" والـ"فيس بوك" وغيرهما من أدوات التواصل والنشر لأن خططنا للمستقبل تهم هؤلاء أكثر منا. لا تستصغروهم فأفكارهم أكثر واقعية وأقرب لما تحتاجه الكويت في عالم اليوم، وليس ما نريد نحن، وهم أقل تلوثا من جيلنا وأكثر استعدادا للعطاء وأقدر على فهم المطلوب لمستقبل الكويت.

اللجنة الحالية مع كل الاحترام لكل منهم ستكرر ما قيل سابقا، أما جيل الشباب فقد يفاجئنا ببدائل لم نفكر بها، علاوة على أن الحكومة ستجد من الصعوبة الالتفاف على رؤيتهم واقتراحاتهم لما يمثله الشباب من قوة وتصميم على خدمة وحماية الوطن.

ربما يستطيع الشباب الدفع باتجاه تشكيل حكومة من الكفاءات الشابة المسلحة بالعلم وقوة الإرادة تقوم بما عجزت عنه الحكومات السابقة. فهل نحن جادون هذه المرة؟ أشك في ذلك.