أن العولمة اليوم تركت آثاراً بالغة في سلوكنا الانتخابي كدول نامية تتلمس طريقها إلى تنفيذ «أحلام تنموية»، ومن المتوقع أن تترك آثارها على الإجراءات والتعديلات، ومن المفترض أن يتسم تعديل النظم الانتخابية بالاستمرارية فيأتي تارة لينال الدوائر الانتخابية، وتارة أخرى لتغيير السن الانتخابية عبر تخفيضها.

Ad

يطلقون على دولنا مسمى الدول "النامية" رغم تمتعها بموارد غنية طبيعية كانت أم بشرية، ومساحات جغرافية متفاوتة، وقدرات إدارية صاعدة نوعاً ما، كما أن العولمة بدأت تنعكس على العديد من دولنا عبر التغييرات في السياسات التشريعية المختلفة والبرامج الانتخابية المتباينة وآليات ديمقراطية "نامية".

لذا، كباحثين في مجال العولمة، تدور أسئلة كثيرة في أذهاننا منها:

ما الآلية التي تستعين بها الدول لمواجهة التعددية والأطياف والأديان؟ وما النظام البرلماني المناسب للدول النامية؟ وما تأثيرات العولمة على النظم الانتخابية؟ وهل تعني، كما يفترض ديفيد هيلد أستاذ العولمة في مدرسة لندن للاقتصاد والسياسة، أنها "عودة مصطلحات عديدة للتداول السياسي أبرزها "العصيان المدني" ومركزية الدولة"؟

وعند متابعتنا للنظم الانتخابية العديدة والآليات التي تستعين بها بعض الدول في القارة الآسيوية والإفريقية و"الكوكتيل السياسي" الذي تغلغل في النسيج الداخلي للدول التي لا تخضع لنظام "منظم سياسياً" لتمتلئ بالتعددية وعدد لانهائي من الأطياف والأديان، أصبحنا نلاحظ أن الهم الأكبر هو إيجاد آلية لإدارة العملية التشريعية. فعلى الرغم من اختلاف آلية اختيار النظم البرلمانية من دولة إلى أخرى، باختلاف عوامل مساحاتها الجغرافية وتركيبتها المجتمعية السياسية والاقتصادية، فإن أغلب الدول النامية قد مرت بمراحل متشابهة في عملية اختيار النظم البرلمانية، وإن كان العامل المشترك يكمن في إنشاء جمعيات تضم الكثير من الخبراء الدستوريين والمفكرين السياسيين والبارزين في مجال القضاء.

وفي بعض الأحيان يغيب عن أذهاننا ونحن نتحدث عن إصلاح النظم الانتخابية وتغييرها، أهمية المراحل التاريخية التي شهدت انتقال تلك الدول من الحكم الاستعماري إلى الحكم الذاتي ودخولها مرحلة إقرار الدستور وخضوع نظمها الانتخابية لفترات تجريبية تتطور من خلالها الدراسات حتى تتوصل الدولة إلى النظام الانتخابي المناسب الذي يضمن التمثيل المتكامل من جهة والاستقرار الحكومي من جهة أخرى.

أذكر على سبيل المثال أن بعض دول آسيا، ومنها الهند المعروفة بتعدد أحزابها وأديانها، قد توصلت إلى ما رآه الخبراء هناك مناسباً للمساهمة في حماية الهيئة التشريعية ودعم استقرار الحكومة، وهو نظام الانتخاب غير المباشر ويسمى "الفائز الأول" الذي يتم عبر جولتين انتخابيتين ومجلسين تنفيذيين الأعلى والأدنى.

خلاصة الموضوع أن العولمة اليوم تركت آثاراً بالغة في سلوكنا الانتخابي كدول نامية تتلمس طريقها إلى تنفيذ "أحلام تنموية"، ومن المتوقع أن تترك آثارها على الإجراءات والتعديلات، ومن المفترض أن يتسم تعديل النظم الانتخابية بالاستمرارية فيأتي تارة لينال الدوائر الانتخابية، وتارة أخرى لتغيير السن الانتخابية عبر تخفيضها، بالإضافة إلى استيعاب العملية الانتخابية لفئات جديدة... وللحديث بقية.

كلمة أخيرة:

جريمة دهس مروعة حدثت في الدائري الثاني يوم الجمعة تحت جسر كيفان والشامية في الساعة العاشرة والنصف مساءً، حيث يروي شاهد عيان منظر انطلاق سيارة بشكل متعمد لدهس شاب يركب دراجة نارية، اتصل شهود عيان بالنجدة فوراً، وتلقوا وعوداً شفهية فقط، وسلامتكم... لا إسعاف ولا دورية لمدة عشر دقائق، حتى اضطر أحد المتجمهرين أن يحمل الشاب بسيارته إلى المستشفى! ولا عزاء لإدارة الكوارث والحوادث.