وجهة نظر: أفلام التطفّل على الثورة

نشر في 01-07-2011
آخر تحديث 01-07-2011 | 00:01
No Image Caption
 محمد بدر الدين «الفاجومي»، «صرخة نملة»، و{الفيل في المنديل»، ثلاثة أفلام انتهى أصحابها من تصويرها قبل ثورة يناير، لكنهم في آخر لحظة غيّروا  النهاية وقدّموا بدلاً منها ثورة يناير!

لعلّ لـ{الفاجومي» (كتابة عصام الشمّاع وإخراجه) تحديداً عذره، فهو يتناول بالمصادفة مرحلة من سيرة شاعر، ينادي بالثورة ويحرّض عليها ويتنبأ بها، ويدفع، راضياً، الثمن تلو الآخر، هو أحمد فؤاد نجم، وحين يقدّم الفيلم في النهاية ثورة يناير ولقطات من تظاهرات ميدان التحرير، يحوّل تحريض الشاعر وتنبّئه إلى تحقيق النبوءة. لذلك لا تبدو الثورة هنا مقحمة، بقدر ما تغيّر أو تضيف إلى المعنى، أما مستوى الفيلم الفني والدرامي فهو موضوع آخر.

والغريب أن «صرخة نملة» كان عنوانه في الأصل «إلحقنا يا ريس»، فإذا به، عند تغيير النهاية، يضيف مفاجأة اندلاع ثورة يناير ويبدّل العنوان إلى «صرخة نملة».

يشكو الفيلم طوال الوقت من سوء الأحوال الاجتماعية والاقتصادية المتزايد في مصر خلال عهد الرئيس السابق حسني مبارك، لكن البطل يتّجه في النهاية إلى موكب مبارك نفسه ليشكو له سوء الأحوال إلا أنه يفاجأ بسيارة الرئيس فارغة، وقد حرص الفيلم على الإبقاء على هذا المشهد وتصويره في خضم ثورة يناير وانتصارها.

لا نريد أن نظلم «صرخة نملة» فنعتبره مثل فيلم «طباخ الريس» الذي يمثّل نموذجاً شهيراً من أفلام النفاق السياسي للحاكم، فيقدّم مبارك رئيساً «ملاكاً» وليس أقلّ، بينما يعود تردّي الأحوال إلى الحاشية من حوله، وهو براء من المحيطين به ومظلوم مثله مثل الشعب الطيّب، والوحيد الذي يجب أن نتوجّه إليه ونشكو له ونستغيث به.

على أيّة حال، ليس «صرخة نملة» على هذه الدرجة من الهبوط والنفاق السياسي، لكن يظلّ الفرق قائماً بين معنى «صرخة نملة» وعنوان «إلحقنا يا ريّس».

يعني العنوان الجديد أن الإنسان قد «يتنفّس» أو «يهذي»  في ظلّ تردّي الأوضاع السياسية والاجتماعية، لكن يجب ألا يتجاوز في حجمه وقيمته النملة التي تبحث عن مكان يداريها ويأويها في عمق أي جدار وعن قطعة سكر تقتات منها بالكاد.

الفيلم من إخراج سامح عبد العزيز الذي سبق أن أخرج «كباريه» و{الفرح»، تأليف طارق عبد الجليل الذي سبق أن كتب سيناريو «عايز حقي» و{ظاظا رئيس جمهورية»، وهي أفلام تتضمّن موهبة ونيات حسنة وجدّية وانشغالاً بالهم العام، لذلك لا نستطيع وضع المخرج والمؤلف في مصاف فريق «طباخ الريس».

أما بطل «طباخ الريس»، الممثّل طلعت زكريا، فيعود بعد الثورة في فيلم جديد بعنوان طويل من سطرين هو «الفيل في المنديل ـ سعيد حركات».

الغريب أن الفيلم، قصة وسيناريو وحوار طلعت زكريا، وهو الذي لم تُعرف عنه سابقاً أي محاولات أو نزوات في التأليف.

لكن الأغرب أن ينافق الثورة اليوم، فهذا الممثل القديم والمؤلف الجديد شتم الثورة منذ اللحظة الأولى لقيامها وكان في مقدّمة من ضلّلوا الناس في الإعلام وحرّضوا ضدها واستعملوا أحطّ الأوصاف ضد الشباب والشعب في قلب معارك الثورة ومخاطرها، وهم تحت النار والموت وقصف قوات النظام المجنون وقناصته، حتى سقط ألف شهيد وسبعة آلاف جريح.

وضع شباب الثورة زكريا على رأس قائمة العار في ثورة يناير، بعدما أصرّ على موقفه الخاطئ المتدنّي سياسياً وأخلاقياً حتى بعد نجاح الثورة ولم يعتذر، بل تمادى وتطاول أكثر وأكثر.

ها هو اليوم في فيلمه «الفيل في المنديل» (إنتاج شركة السبكي للإنتاج السينمائي وإخراج أحمد البدري، وهما معروفان بإنتاج الأفلام التجارية الرديئة وإخراجها) المليء بالإسفاف والاستخفاف بفنّ بل بحرفة السينما وجمهورها، يحيّي في مشهد النهاية العلم أمام صورة شهداء ثورة يناير.

فأي هزل وسخف... وهبوط وانحطاط شامل.

back to top