سعاد محمد... إسعاد الأحبة

نشر في 11-07-2011
آخر تحديث 11-07-2011 | 00:01
 محمد بدر الدين سعاد محمد... أغلق القوس (14 فبراير 1926 ـ 4 يوليو 2011)، رحلت سعاد محمد فرحلت قيمة فنية كبيرة. تركت مشاعر وذكرى عطرة لدى جمهور واسع أحبها واحترم فنها.

إنها الفنانة العربية، الأب مصري من محافظة أسيوط والأم لبنانية، وانطلقت رحلتها الفنية من مصر إلى أرجاء العالم العربي.

صوت نادر من أصوات الطرب الجميل الجليل، تشدو فتطرب وجدان أجيال. ربما لم تأخذ حقّها من التكريم العام الذي تستحقّ، لكنها حفرت اسمها وإسهامها مع كل فن حقيقي أصيل قدمته.

كذلك تركت حضوراً محبباً صادقاً في السينما، على رغم أنه ليس كثيراً: كانت طفلة عندما عرّفها جارها إلى المخرج محمود ذو الفقار الذي أدهشه جمال صوتها وعذوبته فاصطحبها إلى زوجته المنتجة والسينمائية الرائدة عزيزة أمير، لتكون سعاد بطلة فيلمهما «فتاة من فلسطين» الذي واكب القضية الفلسطينية وذروتها وحربها وصدمتها عام 1948، فعرض الفيلم عام 1948 في وقت كانت فيه فلسطين هي قضية الوطن والأمّة والعالم الأولى وتتابعها الشعوب بأعصابها.

هكذا، لفتت تلك الفتاة الأنظار بصوتها المميز وحضورها، بعدما شدت في الفيلم أغنيات أخاذة بينها أنشودة «يا مجاهد في سبيل الله».

أعجبت المنتجة والرائدة السينمائية آسيا بفن سعاد، فأسندت إليها بطولة فيلم «أنا وحدي» إخراج هنري بركات، وشاركتها البطولة ماجدة ونور الدمرداش، وتألقت في الفيلم بأغنيات أحبها الجمهور من بينها: «مين السبب في الحب»، «فتح الهوى الشباك»، «يا حبيبي يا رسول الله»...

لكن جمهور السينما لم يحرم بعد ذلك من صوت سعاد محمد، إذ غنت في أفلام لم تظهر فيها من بينها: «رابعة العدوية» (1960)، «الشيماء أخت الرسول» (1972)، «بمبة كشر» وغيرها.

كان صوتها من الطراز الذي يجمع بين القوة والرصانة والعمق إلى جانب الرهافة والعذوبة والجاذبية، الطراز الذي تربعت على قمته أم كلثوم، لذلك حينما لم يمهل القدر أم كلثوم لتشدو «انتظار»، رائعة أخرى من ألحان رياض السنباطي وأشعار إبراهيم ناجي، لم يجد السنباطي أفضل ولا أولى من سعاد محمد لتشدوها.

وكان أحد مشاريعها تقديم تراث فنان الشعب سيد درويش، لكن لم تتح لها الظروف سوى تقديم أغنيته الخالدة «أنا هويت وانتهيت». والحقّ أن الفن السينمائي والغنائي يحتاج، على الدوام، إلى إبداع من الطراز الأصيل الصادق الذي مثلته سعاد محمد، لذلك يظلّ ما تركته يمتع الأجيال ويطربها فعلاً من دون مبالغة.

تؤكد سيرة سعاد العلاقة الخاصة والوثيقة بين فني الغناء والسينما، وعلى رغم عدم وجودها بكثرة على الشاشة، إلا أنها حضرت حتى بصوتها وسيظل يرنّ في أسماعنا شدوها الجميل على لسان الشيماء أخت الرسول بأداء الممثلة الكبيرة سميرة أحمد: «إنك لا تهدي الأحبة... والله يهدي من يشاء»، كذلك أغنيتها الخالدة في الفيلم نفسه «طلع البلد نبياً... ورسولاً عربياً». من كان ليتخيل غير سعاد محمد، بعظمة الصوت وجماله، يترنّم بمثل هذه الكلمات؟

خلد الله تعالى ذكر سعاد محمد مع كل إحساس صادق شدت به، ومع كل قيمة نبيلة، على جناح صوتها أمس واليوم وغداً، من خير وجمال ورقي وتحضّر ومساهمة مرموقة في إسعاد البشر... إسعاد الأحبة.

back to top