انفجار الشعوب!
![تركي الدخيل](https://storage.googleapis.com/jarida-cdn/images/1491377907467332200/1491377907000/1280x960.jpg)
الثورات الحالية عبارة عن تنفّس اجتماعي، الناس يستحيل أن تبقى مخنوقة طوال الحياة، من خلال منع الحريات في النقد والتعبير وحجب مواقع الإنترنت والبطالة ونهب الثروات واحتكار السلطة والاستبداد بالمال العام، والبعد عن هموم الناس ومنع التجول، وقوانين الطوارئ، هذه العوامل باستطاعتها أن تحول الأرانب إلى سباع، فضلاً عن بشرٍ يعانون مرارات القهر منذ سنوات طوال، وبعضهم ربض على قلوبهم طغاة عتاة منذ أربعين عاماً حكموها بالتصحير والتجويع والخرفنة وقمع الحريات وتجهيل الناس وفرض الجهل على المواطنين ومنع السؤال أو الاستفسار وتكييف الناس على غرائب الأطوار، إنه تنفس طبيعي أن يخرج الناس إلى الشارع، أن يحرق بائع متجول نفسه بالبنزين والنار، أن يموت الناس أمام الدبابات والمجنزرات بإرادتهم، لم يفعلوا ذلك إلا لأنهم فقدوا قيمة ومعنى الحياة.إن القمع لا يولد إلا الانفجار الشعبي، ولعل الزعماء الآخرين من خلال إعلان إصلاحات أو انفراجات اقتصادية وسياسية وفكرية وإعلامية يمنحون الناس فرصة الولاء لهم والبقاء في مكان آمن وفي ولاء وانسجام بين المجتمع والقيادة، وألا تكون إصلاحات متأخرة بعد أن ينشب التحرك، لأن الإصلاح المتأخر مثل عدم الإصلاح عبارة عن لا شيء، مجرد عقم وإفلاس حقيقي، لهذا فإن السعيد من وعظ بغيره كما قالت العرب.السؤال الذي أطرحه على الناس والمجتمعات الثائرة، ما المشروع القادم الذي لديكم؟ يحزنني أن أرى الثورات الناجحة في مصر وتونس والتي أخذت متطلباتها بأقل الخسائر وقد أسلمت لواقع غامض، نعم ليكن للشباب حضورهم في الحكومات المقبلة، أو في المناصب العالية، لكن الخبرة ضرورية وأساسية لإنتاج مستقبل أفضل، كما أنني أتمنى ألا يلتفتوا إلى أصحاب المشاريع الشمولية من ماركسية أو إسلامية أو سواها، سواء كانت الأحزاب شيوعية أو إخوانية، وأن يكون الانجذاب نحو المشروع المدني ونحو تحقيق حرية الفرد وسلطة القانون ومدنية الحياة والواقع... هذه أمنيتي!