عنصرية

نشر في 20-12-2011
آخر تحديث 20-12-2011 | 00:01
No Image Caption
 حمد نايف العنزي ما الذي يجعل قضية سهلة الحل كقضية البدون تستمر خمسين عاما دون أن ترى لها حلا؟!

تتزايد الأعداد وتتواصل المعاناة وحكوماتنا المتتالية تتفرج عليهم بلا اهتمام وكأن الأمر لا يعنيها، فما المشكلة بالضبط؟! هل بلغت بلادة الشعور بنا حدا يجعلنا لا نشعر بآلام وهموم أقرب الناس إلينا ممن قاسمونا العيش على هذه الأرض خمسين عاما أو أكثر دون أن تكترث بإيجاد حل "حقيقي" لمشكلتهم؟! هل يعقل أن السلطة غير مدركة لحجم المشكلة أو آثارها الكارثية مستقبلاً؟!

والشيء المحير حقا، أن الكل هنا، الحكومة ومن أولتهم المسؤولية، يرددون على مسامعنا كل يوم بأن حل القضية يكمن في حصر أسماء من يستحقون الجنسية من البدون لإعطائها لهم، ومنح الإقامة الدائمة متضمنة كل الحقوق الإنسانية للباقين مع وعد بالتجنيس بعد مدة من الزمن، حل سهل بسيط ومنصف، عيبه الوحيد، ألا أحد لديه الرغبة في تنفيذه، لا الحكومة ولا لجنتها الموقرة!

وصار واضحا لدي أن هناك من يقف حائلا دون تنفيذ أي حل، ويحرص على استمرار الوضع على ما هو عليه، لا أعرف من يكون، لكن رائحتي العنصرية والحسد تملآن المكان كل مرة يأتي فيها الحديث عن مشكلة البدون لترشدنا إلى أساس هذه المشكلة والعصا التي يضعها البعض في عجلة الحل دائماً!

إنها النظرة الضيقة للوطن على أنه "كيكة" يتقاسمها المواطنون، وروح العنجهية والتعالي لمن يظنون الوطن عزبة ورثوها عن آبائهم، والرغبة في الاستقواء على الضعيف وحرمانه من حقه في العيش الكريم، والتصنيفات السخيفة "ولد بطنها" و"هيلق" و"هكرة" التي لم يسلم منها حتى الكويتيون أنفسهم، إلى جانب منطق "فليخرجوا جناسيهم الأصلية" الذي يتصور أصحابه أن إنسانا طبيعيا يعيش عمره كله حتى يتوفاه الأجل حارما نفسه وأبناءه وأحفاده من كل الحقوق الإنسانية من أجل "أمل" الحصول على الجنسية!

ولن ينقذ البدون، مع وجود متنفذين لا تردّ لهم الحكومة ولجنتها كلمة سوى اللجوء إلى القضاء، والذي لم أفهم إلى الآن ماذا ينتظر ليتدخل في أمر يتعلق بحقوق الناس، وما الذي يفرض على السلطة القضائية ألا يكون لها دور في هذا الأمر، ألا يعد هذا تدخلا في صلاحيتها وانتقاصا من سلطتها؟! ما دخل "السيادية" في منح إنسان حقه في المواطنة مادام مستوفيا لشروطها ومستحقا لها؟!

كلنا أمل في أن يكون للمجلس القادم دور في تشريع قانون يتيح للبدون اللجوء إلى القضاء للحصول على حقوقه بأسرع وقت، فهذا هو السبيل الوحيد برأيي لحل القضية، أما انتظار الحكومة ولجنتها أن تقوم بالدور المنوط بها، فهو "عشم إبليس في الجنة"، وهو أمر لن يحدث اليوم ولا غدا ولا بعد ألف سنة!

***

إلى مسؤولي وزارة الداخلية:

المادة (44) من الدستور "للأفراد حق الاجتماع دون حاجة لإذن أو إخطار سابق, ولا يجوز لأحد من قوات الأمن حضور اجتماعاتهم الخاصة"، المادة (29) "الناس سواسية في الكرامة الإنسانية"، المادة (31) "ولا يعرض أي إنسان للتعذيب أو للمعاملة الحاطة بالكرامة"... هل قرأتم شيئا من هذه المواد قبل أن تتوجهوا متسلحين بغازاتكم وخراطيم مياهكم وهراواتكم المباركة لكي تقمعوا وتنتهكوا حرمات منازل البدون في الأسبوع الماضي؟!

إن لم تكونوا قد قرأتموها، فمن الخير أن تفعلوا في المرات القادمة، وهي قادمة بلا شك، فالعنف لم ولن يحل أي قضية، ولن يجعل صاحب حق يتنازل عنه، وانظروا حولكم، هذه الشعوب التي مورس ضدها أشد أنواع العنف، هل ترونها توقفت عن مطالباتها أو خضعت للهراوات وحامليها؟!

البدون ليسوا ولن يكونوا استثناء من هذه الشعوب أبدا!

back to top