أولويتان عاجلتان
من المتوقع أن تشهد الانتخابات القادمة معركة قاسية، ربما أقسى كثيراً مما سبقها. لماذا؟ لأن جزءاً رئيساً من الأطراف المتصارعة سيدخل المعركة بمنطق حياة أو موت، وهو منطق سيحيل الساحة الانتخابية إلى ساحة مثيرة، إلا أنها إثارة من النوع البغيض والكريه، وهو ما سنراه في المشهد الانتخابي قريباً للأسف.الانتخابات وحدها لا تخلق ديمقراطية. فبدون جملة إصلاحات فلا جدوى منها، بل تتحول إلى شبه سيرك كبير، اللاعب الأوضح فيها أطراف النفوذ الحكومي ومن يدور حولها.
وكما هي العادة في كل انتخابات فإن هناك أولويات عاجلة تتعامل مع استحقاقات اللحظة الراهنة وهناك بالضرورة إصلاحات عامة مطلوبة على المديين المتوسط والبعيد.الأولوية الأولى هي التركيز على ملف نواب غيت أو الإيداعات المليونية. وحيث إن أوامر الضبط والإحضار صدرت أخيراً من النيابة بحق 13 نائباً وزوجتين فإن القضية تسير في الطريق الصحيح. وهذه هي المرة الأولى في التاريخ السياسي الكويتي التي تحدث فيها "صيدة جماعية" لسياسيين. ومع أن الأحاديث عن فساد النواب ومسؤولين كبار كانت متداولة ومن المسلمات، فإنها المرة الأولى التي تبدأ فيها النيابة التحقيق في تهم لها علاقة بالتكسب والتربح غير المشروع من سياسيين. لم يعد مهماً الآن النتيجة التي ستتوصل لها التحقيقات، فهذا شأن القضاء، ولكن المهم أن حاجزاً عالياً في وجه أي تحرك جاد ضد فساد السياسيين قد أطيح به وقد تتجاوز نتائجه مآزق النواب الـ13 إلى مسائل أخرى لها علاقة بثقافة قبول الفساد السياسي كأمر طبيعي.أما الأولوية الثانية فمرتبطة باستحقاق تغيير نمط إدارة الانتخابات ككل. فمن غير المقبول في هذا الزمن أن توضع هذه المسألة بيد الحكومة وهي طرف غير محايد في العملية الانتخابية. ومع أنه أثير الكثير حول نزاهة الانتخابين الماضيين، بل ذهب البعض إلى القول بحدوث تزوير، وهو ما لا نملك دليلاً مادياً عليه، إلا أن ما يثير الشبهة حقاً هو أنه حتى اللحظة فإن النتائج التفصيلية لانتخابات 2008 و2009 لم يتم إعلانها رسمياً. وعندما نعود إلى التاريخ فسنجد أن نتائج انتخابات 1967 المزورة بالأدلة القاطعة لم تعلن كذلك. هناك حاجة ماسة إلى تشكيل هيئة مستقلة لإدارة الانتخابات أو لجنة محايدة لإدارة الانتخابات القادمة بسبب ضيق الوقت. إن نجحنا في التركيز على الإيداعات المليونية والتغيير العاجل لنمط الإدارة الانتخابية فنحن مقبلون على بداية طريق إصلاح حقيقي عدا ذلك فإننا سنظل ندور في حلقة مفرغة.• المنصفانتخب يوم أمس الأول الصديق القديم المنصف المرزوقي رئيساً لتونس. أعرف المنصف منذ قرابة 30 عاماً كمناضل حقوقي ثم بعد اضطراره للتحول إلى النضال السياسي، لم يكن وارداً أن يتاح له حرية العمل السياسي دع عنك أن يصبح رئيساً عن طريق الانتخاب لا الانقلاب. تهانينا لأخي المنصف وتهانينا لتونس ونتمنى فقط ألا تحدث انكفاءة أو انتكاسة في طريق طويل لبناء البلاد. إنها 2011 ومازالت بها أيام.