غريب موقف الحكومة واستقتالها لمنع إقرار قانون كشف الذمة المالية للقياديين في الدولة، وهو سلوك يثير شبهات كبيرة بشأن أسباب اندفاع الحكومة ومن ورائها السُّلطة في محاربة أي قانون يتعلق بالذمة المالية أو«من أين لك هذا؟»، خاصة أن السُّلطة تحارب هذين القانونين منذ 1996 وما زالت، وثبتت رأيها بشأنهما في شهر مارس الماضي في لجنة الشؤون التشريعية والقانونية البرلمانية برفضها المطلق لهما بحجة مخالفتهما للشريعة الإسلامية رغم أن قوانين مماثلة مطبقة من غالبية الدول الإسلامية من إندونيسيا وماليزيا حتى تركيا ومصر.
والحكومة وهي تواجه إقرار الذمة المالية و«من أين لك هذا؟» بعد بروز فضيحة الــ»25 مليون دينار» التي ضخمت بعض الحسابات المصرفية لسياسيين، تستخدم كل إمكاناتها ومناوراتها لمنع إقرارهما، فمرة يخرج مصدر حكومي رفيع ليؤكد أن مثل هذة التشريعات تحتاج إلى مجموعة من القوانين التي ستستغرق فترة زمنية طويلة وإنشاء أجهزة حكومية تحتاج إلى خبرات ومتخصصين! ويضرب مثالاً بوزارة المالية التي رغم كل إمكاناتها لم تستطع إنشاء إدارة متخصصة لتحصيل الضريبة العقارية في البلاد، بينما تسرب مصادر حكومية أخرى موافقة الحكومة على عقد دورة طارئة لمجلس الأمة لبحث فضيحة الــ«25 مليونا» وموافقتها أيضاً على تشكيل لجنة تحقيق برلمانية بشأنها، بشرط عدم طرح أي قوانين تتعلق بالذمة المالية أو «من أين لك هذا؟»... فما هو يا ترى سبب هذا الإصرار من السُّلطة وحربها الضروس على إقرار مثل هذه القوانين رغم تأكيد كل المتخصصين في تجارب الإصلاح إنهما مفتاح التنمية ومكافحة الفساد؟!***العقيد المندحر القذافي يزعق منذ سقوطه ومن مخبئه على القبائل الليبية مطالباً إياها بأن تنتفض لنصرته، ولم يردعه عدد ضحايا الثورة الليبية الذي زاد على 50 ألف قتيل ومفقود حتى الآن، بينما يختبئ حسب معلومات متطابقة في مدينة بني الوليد القبلية، وزميله العميد علي عبدالله صالح يلعب لعبة توازنات القبائل في اليمن منذ فبراير الماضي على حساب معاناة الشعب اليمني وضحاياه، وبشار الأسد عند بداية انطلاق الثورة السورية يجتمع بشيوخ العشائر في مناطق الجزيرة وحوران وجبل العرب لدعمه، ولإقناع أبنائهم المجندين في الجيش بمساندته وقمع الثورة الديمقراطية في الشام، والعراق أصبح دولة تدار بزعماء الطوائف و«صحوات» العشائر، وقبائل دارفور تستخدم في السودان في صراعات سياسية ينتج عنها مآس إنسانية، بينما الثورتان التونسية والمصرية الإصلاحيتان والديمقراطيتان تنجزان، بأقل مقدار من العنف والضحايا البشرية، أهدافهما بمتغير مشترك وهو غياب القبيلة عن التشكيل الاجتماعي عندهما، ألا يتطلب كل ذلك من جميع علماء الاجتماع والمصلحين العرب بحث إشكالية تحول مكون اجتماعي أصيل (القبيلة) الذي يفترض به أن ينقل قيم وتراث الأمة العربية إلى عامل تخريب وتأجيج العنف والعصبيات التي تؤدي إلى تأخر الدولة المدنية الديمقراطية العربية، وإيجاد سبل لحل هذه الإشكالية؟
أخر كلام
حرب الذمة ... وإشكالية القبيلة
04-09-2011