مع انطلاق فعاليات منتدى أصيلة الثقافي في موسمه الـ33 ليس لنا إلا أن "نخمن" الهيئة التي تكون عليها المشاركة الكويتية، إذ إنه لم ترد أخبار أو تقارير إلى الصحافة المحلية، كما أنه لم يعقد مؤتمر صحافي لتوضيح المشاركة الكويتية، وكان الأمر أشبه بتخمينات من هنا وهناك بشأن مشاركة هذه الشخصية الثقافية أو تلك في الفعاليات، بل إن المفارقة أن بعض المدعوين لم يعلموا شيئا عن الجهة المرشحة، أو نوعية المشاركة التي يقدمونها، باستثناء عدد قليل من أصحاب البحوث، أو الأوراق العلمية المقدمة.

Ad

 الآن وبما أن الفعاليات انطلقت هناك لم يبق لنا سوى أن ننتظر الأخبار المقتضبة التي تقدمها إلينا وكالة الأنباء الكويتية كونا، ونستنسخها كيفما اتفق. 

ولعل السبب الأساسي وراء هذه "الربكة" هو تداخل الصلاحيات، وعدم اتضاح الجهة المنظمة أو المشرفة على المشاركة الكويتية بعد أن أوكل الأمر إلى وزارة الخارجية، وسُحب البساط من تحت أقدام المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب، ولكن ثمة من يقول إن المجلس الوطني هو المشرف الحقيقي على هذه الفعاليات، لم نعلم شيئا، وأصبحنا ضائعين، وفي نهاية المطاف ثمة فعاليات بحجم الوطن تقدم في أصيلة، وثمة جمهور متابع هنا يهمه أن يطّلع على ما يقدم هناك، وثمة صحافة يتعطّش أرشيفها الى أخبار تبقى في ما بعد مرجعا للباحثين والكتاب.

تأتي فعاليات أصيلة في هذه السنة متوافقة مع احتفالات مرور خمسين عاما على الاستقلال، فليس مستغربا أن نقرأ عن ندوة بعنوان "الكويت... نصف قرن من العطاء الثقافي العربي" وأخرى عن الحركة الأدبية في الكويت خلال نصف قرن، وهاتان الندوتان تحتاجان الى تحضير يستغرق زمنا كبيرا، وكذا بحوث وأوراق يحق لنا أن نطلع عليها، فالأمر لا ينبغي أن يكون مجرد مداخلة شفاهية، أو استطرادا في الحديث عن العموميات، فدور الكويت الثقافي كان منذ انطلاقه تجربة لا مثيل لها، تجربة مرّت بالكثير من لحظات التألق، وكذا لحظات الوهن، أو ما يشبه الخفوت، الأمر يعود إلى القيادات المتعاقبة على المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب، ومجلة العربي، باعتبارها رافدا مهما من روافد الثقافة المحلية والعربية.

بالعودة إلى المشاركة الكويتية في أصيلة ثمة محاور أخرى نقرأ عنها، ولها أهميتها، مثل الندوة تلك التي تتناول الصناديق السيادية الخليجية ودورها في النهوض بالتنمية المستدامة في دول الجنوب. و"الجنوب" هنا يأتي بمعنى الرديف المكمل للشمال الثري المتمثل في الدول الأوروبية، وللكويت تجربة رائدة في هذا المجال الاقتصادي التنموي الصرف، ولئن كانت المغرب واقعة ضمن نطاق دول الجنوب، إلا أنها الأقرب إلى الشمال، ولذا فقد اكتسبت هذا المزيج  الغني من الثقافات "الأورو متوسطية" الأمر الذي كان فاعلا في جعل المغرب أكثر ارتباطا بمحيطه العربي الإفريقي.

يناقش منتدى أصيلة كذلك ما يسميه "انحسار دور النخب الثقافية في حركات التحديث العربية" يأتي ذلك متزامنا مع ثورة الشعوب العربية، وكذلك الجدل المتزايد حول دور المثقفين في التأثير أو التأثر مع شعوب المنطقة، وكثير منهم اصطف إلى جانب الحكام، ثم بدأوا بالبحث عن ذواتهم مجددا بعد أن أعطت الثورة ثمارها.

لا أريد الاسترسال في جدول الفعاليات الثقافية، ولكن لنا عتب على الجهة المنظمة أو المنسقة للمشاركة الكويتية أيا كانت، فبدلا من أن تتركنا هكذا نستسلم لرياح التخمين كان جديرا بها أن تزودنا بتفاصيل المشاركة الكويتية أو توجيه دعوات للصحافيين في مجال الثقافة والفنون لتغطية هذه الفعاليات، لاسيما أننا نقرأ عما يقارب 150 شخصية مدعوة من الكويت للمشاركة في هذه الفعاليات، فأين نصيب الصحافة الأدبية منها؟