تواجهنا صعوبات أحيانا كباحثين في السياسة الدولية منها بعد المناهج التحليلية عن الواقع, وغياب آلية الربط بين الدراسات التي نقوم بها والجانب التنفيذي لمؤسسات الدولة، وخير مثال هو البحث الذي قام به ستيفن والت المحاضر في كلية كينيدي بجامعة هارفارد, الذي سلط فيه الأضواء على غياب العلاقة بين النظرية الأكاديمية والسياسة العامة للدول... فالنظريات تفتح أمامنا الطرق السريعة في البحث والتجديد فيجد الباحث نفسه في واد والسياسة العامة التنفيذية في واد آخر.

Ad

واليوم ومع عولمة ونمو سبل الاتصال وانتشار "الثورات والانتفاضات" في العالم سواء كانت بدوافع اقتصادية أم سياسية، أصبح من الضروري إيجاد نموذج مناسب يجمع بين الواقع والنظرية لفهم الأحداث، لذا دعونا نلقي نظرة على "الشعارات" المرفوعة من خلال الانتفاضات الدولية... لعلنا نجد من خلال السطور ما يفسر المزاج الدبلوماسي "المضطرب" الذي يعم العالم.

• شعار "التهديد والتصادم"... ففي الوقت الذي يصف المحللون السياسيون أوباما بالفكر "الويلسوني" (نسبة إلى فكر الرئيس الأميركي السابق وودرو ويلسون) الذي يؤيد التمسك بأسس ومبادئ تؤدي إلى تفادي الحروب والاصطدام، نجد الخطاب الإعلامي لواشنطن وباريس معاً يحوم حول فرض عقوبات تجاه إيران... واستمرارية الضغط الدولي في مسار يجمع بصعوبة بين "مشروع لتقليص التهديد" و"التصادم" مع إيران.

• شعار "الموت للرأسمالية"، الذي رفعه "شباب" حركة "وول ستريت" خلال الأسبوعين الماضيين, قبل أن تتخلى الحركة عن طابعها السلمي وتتجه إلى العنف وتنفيذ شعار "الاحتلال بالقوة "، الأمر الذي تسبب في  خروج سبعة آلاف متظاهر أخيرا رافعين  شعار "احتلوا أوكلاند" وداعين إلى الاعتصام السلمي تحت شعار "الموت للرأسمالية".

• شعار "الوحدة الشعبية" عنوان تظاهرات في روسيا ومسيرات نظمها قوميون متشددون أخيرا بموافقة من السلطات. كانت روسيا في العهد السوفياتي تحتفل بالثورة البلشفية لكن التوجه إلى شطب كل ما يرتبط بالدولة السوفياتية من الذاكرة الشعبية، وكالعادة فإن الاهتمام الشعبي ضعيف جدا، لكن الأحزاب السياسية وجدتها فرصة لاستعراض العضلات السياسية وإبراز العنصر القومي المتشدد.

• شعار "مزاج الصين الدبلوماسي"... أطلقته وسائل الإعلام أثناء انطلاق قمة العشرين الاقتصادية أخيرا وسط حضور قادة يمثلون 85 في المئة من الاقتصاد العالمي و90 في المئة من ناتجه المحلي وثلثي المبادلات التجارية، اجتمعوا حول "الزلزال" الذي أحدثته قرارات رئيس الوزراء اليوناني جورج باباندريو أخيرا، والتف الجميع حول "مزاج الصين الدبلوماسي" ولم لا؟ وهي تملك الفوائض المليارية التي تؤهلها لاتخاذ قرارات دوليه مهمة ومصيرية كمساعدة أوروبا في أزمة اليونان.

• "الخياران الفلسطينيان" الشعار الذي ارتفع في أروقة الأمم المتحدة الأسبوع الماضي لاستراتيجية جديدة في التحرك لعضوية فلسطين في مجلس الأمن بعد عدم توفر الأصوات الكافية, الأمر الذي وضع القيادة الفلسطينية أمام خيارين, إما الاكتفاء بطلب العضوية الكاملة دون طرح قرار أو مشروع على التصويت أو الإصرار على التصويت حتى ولو لم تتوفر الأصوات الكافية.

وأخيرا وليس آخرا، مازلنا في إطار الأحداث الدولية والشعارات الخاضعة لاضطراب الأمزجة الدولية, ومازالت النظريات بعيدة عن الواقع... وللحديث بقية.

كلمة أخيرة... سلامة البيئة التشريعية = قانون رصد ومكافحة الفساد + الإفصاح عن الرشى والتعيينات والتبرعات الخاصة بالحملات الانتخابية.

وكلمة أخرى... تميزت وزارة الخارجية بكلمتها تجاه حصول فلسطين على مقعد في اليونسكو الأسبوع الماضي.