رقصة الموت!!

نشر في 12-03-2012
آخر تحديث 12-03-2012 | 00:01
No Image Caption
 صالح القلاب خلافاً لكل ما يقال عن أن نظام بشار الأسد قد فاز في جولة أول عامٍ من الثورة عليه، فإن اللجوء إلى هذا التصعيد يدل على أن هذا النظام بات يشعر بدنو أجله وانها رقصة الموت، فالملاكم عندما يشعر أن لحظة سقوطه على الحلبة قد دنت يضاعف هجماته العشوائية على خصمه ويبدأ بضربه بدون تركيز، مرة تحت الحزام ومرة فوقه، ومرات متعددة في الهواء، وهناك قصيدة للشاعر الفلسطيني إبراهيم طوقان الذي رحل وهو لا يزال شاباً يصف فيها الديك الحبشي الذبيح بقوله: قالوا حلاوة روحه رقَصتْ به فأجبتُهم ما كلُّ رقصٍ يُطـربُ هيهات، دونَكَهُ قضى، فـإذا به صَعِقٌ يشـرِّق تارةً ويُغـرِّبُ

الآن غدت القطاعات العسكرية، المضمونة الولاء، ليس على أساس عقائدي وإنما على أساس طائفي وللأسف، مشتتة وموزعة على كل المناطق السورية، وغدت تحارب حرب عصابات التي هي أبشع أنواع القتال بالنسبة للقوات النظامية، وفوق هذا فإن هناك عمليات انشقاق متواصلة ربما ليست كبيرة، لكنها تشكل استنزافاً لجيش مبنيٍّ على أسس طائفية تجعل الضابط والجندي يشك في زميله ويخاف من أن يوجه في لحظة من اللحظات رصاص بندقيته إمَّا إلى صدره أو إلى ظهره. هناك الآن، بعد عام من المقت والاستنزاف المستمر، جيش مشتت تحولت مهمته من تحرير الجولان ومقاتلة العدو إلى مطاردة أبناء شعبه وقصف المدن السورية بالمدافع الثقيلة وبالصواريخ التي من المفترض أنها معدة لقصف تل أبيب أو على الأقل طبريا، وأيضاً فإن هناك الآن شعباً فقد الأمل بإمكانية التعايش مع نظامه وأصبح مصمماً حتى الموت من أجل التخلص من هذا النظام، وهناك أيضاً ظروف اقتصادية باتت كارثية حيث تجاوز سعر صرف الدولار المئة ليرة، وهناك عقوبات دولية مهما تم التقليل من شأنها فإنها تبقى مُنْهِكة في ظل ظروف كهذه الظروف التي أصبحت عليها سورية، وكل هذا وعندما تصبح أي دولة من الدول ساحة لتصفية الحسابات الصغيرة والكبيرة بين القوى الإقليمية والدولية فإن مسألة سقوط نظامها مهما حاول الصمود والمكابرة تصبح مسألة وقت فقط. إن ما يجري في سورية ليس حرباً بين جيشين حتى يصبح معيار الانتصار أو الهزيمة متوقفاً على من يملك أسلحة متطورة وفتاكة أكثر، وعلى من يتمتع جنوده بالتأهيل والقدرة القتالية، إن ما يجري هو ثورة شعب إن ليس كاملاً فبمعظمه ضد حكامه، ولذلك فإن معيار الانتصار والهزيمة يتوقف على مدى الاستعداد للمزيد من التضحية وعلى الإرادة والتصميم وخصوصاً في ظل ظروف كظروف هذا البلد الذي تشعر الأغلبية فيه بأنها مظلومة ومضطهدة ولنحو نصف قرن وأكثر ليس من قبل حكم طائفةٍ صغيرة وإنما من قبل نظام طائفي يحكم باسم هذه الطائفة رغم أنفها.

back to top