ليس فخراً ولا شرفاً ولكن تذكرة وتأكيداً بأنني لم أدافع يوما عن المجلس العسكري ولم أطالب ببقائه، بل كتبت مرارا أن المجلس مسؤول مسؤولية كاملة عن كل الأحداث بعد رحيل مبارك، واتهمته صراحة بمسؤوليته الضمنية كذلك عن أحداث الأربعاء الأسود 2 فبراير، وذلك بموقفه السلبي من الاعتداء على الثوار فيما عرف بموقعة "الجمل"، ورفضت المقولة المكررة "الجيش حمى الثورة" وتساءلت حماها ممن؟ خاصة بعد شهادة رئيس المجلس في محاكمة مبارك. ومنذ 11 فبراير والمجلس يتعامل مع الأحداث والشعب بغباء سياسي كبير لدرجة تكفي لمحاكمة أفراده جميعا. وأعتقد أن هذا رأي الأغلبية من المواطنين... ولكن أن يتم استغلال هذا الرفض الشعبي وتحويله إلى بركان غضب يدمر ويحرق مصر– كما يسعى البعض- يوم 25 يناير القادم فأمر مرفوض تماما، فلمصلحة من حشد الحشود وتهييج المشاعر؟ لمصلحة من إذكاء نار الغضب في الصدور؟ لينفجر البركان يوم 25 يناير بدعوى مرور عام على الثورة، وهل قامت الثورة إلا من أجل مصر جديدة مصر أبية كريمة... مصر عزيزة قوية، تحفظ للمصري أيا كان موقعه كرامته وإنسانيته ونحترم جميعا حقنا في الاختلاف في الفكر والأسلوب؟

Ad

هل يدفعنا غضبنا من المجلس العسكري ورفضنا له إلى المزيد من إثارة جموع الشعب من خلال منابر إعلامية فقدت الإحساس بمصر كوطن يعيش فينا قبل أن نعيش فيه، وأصيبت بقصر نظر أفقدها القدرة على التمييز بين حماية الوطن ومحاسبة الأفراد؟

لقد طالبت في مقالي السابق أن نحتفل بيوم 25 يناير احتفالا نتهادى فيه الورود فرحا بثورتنا، وبما أنجزنا– مهما كان قليلا- وننظر إلى المستقبل بأمل وثقة... نحتفل دون أن ننسى شهداءنا وحقهم في القصاص العادل، وننظر إلى المستقبل دون خوف من تجارب الماضي ودون إهمال في محاسبة المخطئين، ورغم تأييد البعض للفكرة وإعجابهم بها فإن تيار الرفض أشد قوة وأكثر اندفاعا، ورغم ذلك مازلت مصرا على دعوتي بجعل هذا اليوم العظيم يوما يتحدث عنه العالم كله، كما كان في العام الماضي يوما يعطي الشعب المصري درسا جديدا في حق الاختلاف وحرية التعبير عن الرأي دون فرض، وحق الحديث دون رفض.

وما زلت مؤمنا بأن فطنة المصري وذكاءه الفطري وعشقه لبلده ستفوت الفرصة على من يسعون إلى الإثارة والتهييج، وسيكون 25 يناير القادم درسا للعالم كله نفخر به جميعا كمصريين مهما اختلفت آراؤنا وتباينت أفكارنا.

***

يجب أن يختار المجلس الأعلى للشرطة أو المسؤول- أيا كان- يوما آخر غير 25 يناير ليصبح عيدا للشرطة، فيجب أن يظل 25 يناير عيدا لكل المصريين بكل فئاتهم وطوائفهم... كما أن تغيير اليوم سيساعد كثيرا في التخلص من الغضب الكامن في صدور الجميع. فهل من مستمع؟

***

اختيار 5 أشخاص لتولي الحكم بإجماع 250 ألفا– كما قيل- هو محاولة أخرى للإثارة والتوتر، وهو أمر يثير الدهشة فإذا كان من يحق له اختيار رئيس الجمهورية يفوق الـ50 مليونا فهل يفرض هذا العدد القليل جدا (0.5%) رأيه على الجميع؟ فمن حقهم مساندة من يحبون دون فرض، وهذا هو الفرق بين حق التعبير عن الرأي وباطل فرضه، وهذا للأسف ما لا يفهمه الكثيرون.

***

الحديث الذي يتردد حول تفكير حزب الحرية والعدالة في إصدار قانون (بعد تشكيل مجلس الشعب) بالعفو عن أعضاء المجلس العسكري وعدم محاسبتهم هو حديث يؤدي أيضا إلى الإثارة وغضب الرأي العام، وهو حديث مرفوض تماما لا يقبله عقل ولا دين، كما أن المقارنة التي توهموها بين أعضاء المجلس وكفار مكة بعد الفتح وقول الرسول الكريم لهم "اذهبوا فأنتم الطلقاء" مقارنة مغلوطة وغير صحيحة، والأولى بهم ألا يبدؤوا نشاطهم البرلماني بهذا النفاق الفاجر الغبي "إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ وَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ نَصِيرًا". (النساء 145) صدق الله العظيم.