آخر وطن: أهو دا اللي مش ممكن أبدا!

نشر في 15-07-2011
آخر تحديث 15-07-2011 | 00:01
No Image Caption
 مسفر الدوسري الأغنية فن لا علاقة له بالشعر

مخطئ من يظن أن الأغنية شعر تم موسقته،

إن الأغنية لا تمت إلى هذا المعنى بأي صلة.

كثير منا  يحكم على الأغنية من خلال جمال وشاعرية الكلام فيها،

ويسهب في تسخيف الأغنية التي لا تندرج تحت معطف الشعر،

ويسفّه كاتبها ومغنيها وملحنها والمستمع إليها، ويُكال لهم سيل من الانتقادات والقدح والشتائم ، ويُقال فيهم وفي ذائقتهم الكثير!

أظن أن في ذلك خطأ كبيرا في فهمنا للأغنية، ووعينا بماهيتها،

إذ ليس من شروط الأغنية "الناجحة" أن تكون كلماتها مما يصنّف شعرا،

أبدا.

الأغنية موضوع مختلف تماما،

إنها فن قائم بذاته، له خلطته الخاصة ومعاييره التي لا تشبه سواه،

وليس صحيحا أيضا أن الأغنية مثلث متساوي الأضلاع (كلمة ولحن وصوت)، هذا أيضا باعتقادي من الخرافات، والهرطقات التي تم تسويقها على فهمنا قسرا حتى كدنا نؤمن بها!

الأغنية (على الأقل بالفهم المعاصر) ليست مثلثا متساوي الأضلاع، وإنما شبكة معقدة من العناصر والأجزاء التي تُكوّن نجاحها ووصولها إلى المتلقي بأفضل صورة،

التوزيع مثلا أصبح جزءا مهما في "صناعة" الأغنية، المكس، هندسة الصوت، هذا فقط على سبيل المثال لا الحصر، بل ان توقيت الأغنية أحيانا قد يكون عاملا حاسما في نجاحها من عدمه.

هذا إذا كان الحديث عن الأغنية المسموعة فقط، أما إذا تحدثنا عن الأغنية المرئية، فذلك موال آخر يطول الحديث عنه، إذ يدخل على الخط تقنية التصوير والإخراج و"اللوك" و...، و...، و... إلخ.

لذا أظن أن الفهم القديم، والعبارة التي ما فتئنا نرددها عن ذلك المثلث البسيط، ما هو إلّا تسطيح لمكوّن الأغنية من حيث أُريد تعميق هذا المكوّن وإعطائه هالة الجلال والتقدير!

الأغنية صناعة...

لذا فهي تختلف في طبيعتها عن الشعر، وحتى عن التأليف الموسيقي الخالص،

ولأنها صناعة، يقوم بإنتاجها أكثر من فرد، ويدخل في خلقها أكثر من عامل، بخلاف الصنوف الأخرى من الإبداع التي تقوم على جهد ذاتي وفردي،

ولأنها صناعة هي تعتمد في نجاحها على مخاطبة المزاج العام، وقدرتها على تسويق ذاتها من خلاله، وهي بذلك تختلف أيضا عن الإبداع الفردي الذي تظل قيمته الإبداعية داخله، ويستمدّ بريقه من ذاته أساسا وليس من خارجها.

 أنني أزعم أن الكلام في الأغنية هو أقل عناصرها أهمية، وأن الموسيقى مثلا أكثر أهمية من الكلام بمراحل، وقد تنجح الأغنية بكلام أقل من عادي ولا يقلل ذلك من قيمتها كأغنية مقدار ذرة.

فإذا ما نجحت أغنية ما فتأكد أن من ساهم في هذا النجاح بشكل أساسي ولافت هو اللحن، ثم تأتي بقية العناصر الأخرى، وإذا ما فشلت أغنية ما ففتش عن اللحن، وضع صورة الملحن ضمن المطلوبين!

ولو كان نجاح الأغنية يعتمد على ما تحمله كلماتها من شعر لكانت أغنية:

أنساك؟! ده كلام؟! إنساك... يا سلام... أهو دا اللي مش ممكن أبدا، من أفشل الأغاني على الإطلاق، ولما بقينا نترنح على أنغامها وتأثير كلماتها فينا حتى هذه اللحظة.

back to top