اليوم منّا من يضع يده على قلبه ليس لرحيل الحكومة ولا المجلس، فلم يعد بقاؤهما مهماً بقدر خوفنا على الكويت وطناً يحتضن الجميع سنّة وشيعة بدوا وحضرا، فنسألك يا معبود، يا الله، أن ترد كيد محدثي الفتن إلى نحورهم، وأن تكشفهم وتفضحهم، فهم الشر وهم مضلات الفتن.

Ad

قال أمير المؤمنين الإمام عليّ بن أبي طالب- عليه السلام- في الجزء الرابع من "نهج البلاغة": "لا يقولن أحدكم اللهم إني أعوذ بك من الفتنة، لأنه ليس أحد إلا وهو مشتمل على فتنة، ولكن من استعاذ فليستعذ من مضلات الفتن"، اللهم نستعيذ بك من مضلات الفتن ما ظهر منها وما بطن، ونسألك اللطف فينا، وأن ترينا الحق حقا وترزقنا اتباعه، وترينا الباطل باطلا وترزقنا اجتنابه.

عادتي هي أن أنظر إلى الحراك السياسي على أنه نوع من العمل الديمقراطي، وإن اتخذ منحى لا أؤمن به، بل إن هذا الأمر لا يقلقني أبداً، فمهما كثرت جولات الباطل وكبر لواؤه وجنده يظل قزماً أمام صوت الحق، فيخفت وإن "طنطن" طنين النحل، وهذه حال كل فاسد، فالتاريخ كفيل بفضح سوءته.

المهم في الحراك هو المواطن، وحقه في إبداء رأيه بالمجلس حكومة ونواباً، وكل حسب قناعته، فهو في نهاية المطاف المتلقي لما يقدمونه من تشريعات وقوانين وخدمات تلامس حياته اليومية بشكل مباشر، كما أنه يظل المراقب والشاهد على أدائهم ونظافة أيديهم.

العلاقة بين المجلس والحكومة انتهت بالطلاق الخلعي، لكنها أدت إلى تبعات أحدثت شرخاً في المجتمع وثوابته الوطنية، ومن أهم تلك الشروخ التي نستعيذ بالله منها هي الفرز الطائفي الذي تبناه البعض كتكسب وتوظيف سياسي بحت ولأغراض شخصية، وذلك عن طريق إطلاق التهم على كل من يقف مع هذا الطرف أو ذاك، والعكس صحيح، ناهيك عن تهمة الولاء الخارجي التي باتت هي الأخرى جاهزة، وتنتظرك بمجرد أن تفتح فمك منتصرا لأي منهما. وليس هناك أدل على هذا النفس الطائفي البغيض سوى أن تتابع التعليقات والتصريحات والمقالات لبعض النواب والكتّاب والمدونين في وسائل الاتصال المرئية والمكتوبة المختلفة لتعرف حجم تلك الفتنة.

بالأمس التقيت أحد الشباب الملتحين الموجودين في ساحة الاعتصام أمام النيابة، وهو بالمناسبة من أبناء "فريجنا"، حيث مر زمن لم أره، لكنه مازال يحمل تلك الصفات الجميلة التي تعتلي محياه، فكان الحديث عن الماضي ونظرته إلى الحاضر والمستقبل، فقال بالحرف الواحد: "أنا لست مع سياسة الحكومة ومع رحيلها، ولكني خائف من دخول المندسين بشعارات تصيب الوطن وتزيد من الطائفية مما يجعلني أضع يدي على قلبي".

اليوم منّا من يضع يده على قلبه ليس لرحيل الحكومة ولا المجلس، فلم يعد بقاؤهما مهماً بقدر خوفنا على الكويت وطناً يحتضن الجميع سنّة وشيعة بدوا وحضرا، فنسألك يا معبود، يا الله، أن ترد كيد محدثي الفتن إلى نحورهم، وأن تكشفهم وتفضحهم، فهم الشر وهم مضلات الفتن.

واليوم أيضاً أثبت شباب الكويت أنهم يضعون أيديهم على قلوبهم ليقولوا إن الكويت وشعبها ساكنون فيها.

ودمتم سالمين.