يقول الجنرالات و «الإخوان المسلمون» في مصر إن مجموعة من التعديلات الدستورية التي خضعت للاستفتاء في شهر مارس، ودعمها 77% من الناخبين، تمنح المصريين خطة مدعومة من الشعب وجدولاً زمنياً محدداً، لكن المشككين يعتبرون أن الاستفتاء اكتنفه الغموض كونه لم يتناول إلا بنوداً قليلة من دون التطرق إلى جميع جوانب المرحلة الانتقالية.
حين كانت مصر نظاماً ملكياً كنا نجد حزباً أرستقراطياً عريقاً كان قد أنتج رؤساء حكومة بشكل متلاحق، لكن سرعان ما شاخ هذا الحزب تماماً مثل مباني العصر الجميل في القاهرة... هذا من جهة، ومن جهة أخرى، ها نحن نشهد بروز حزب حديث العهد تعود جذوره إلى أكثر الحركات الإسلامية المرموقة، ففي 12 يونيو، أعلن الحزبان أنهما سينسقان جهودهما، بالتعاون مع مجموعة من الأحزاب الصغيرة والصديقة، لخوض الانتخابات العامة المقررة في شهر سبتمبر.يمثل هذا التحالف المقترَح، الذي يُفترض أن يرأسه حزب الوفد وحزب الحرية والعدالة التابع لـ"الإخوان المسلمين"، كياناً قديماً وجديداً في آن في الحياة السياسية المضطربة في مصر، لكن سبق أن تعاون الحزبان معاً في الماضي، ففي عام 1984، ترشحا على لائحة واحدة في أحد الانتخابات العامة، مما أدى إلى نشوء إحدى أكبر كتل المعارضة خلال العهد الرئاسي الطويل لحسني مبارك، لكن بعد بضع سنوات، قرر مبارك إنهاء مبدأ التمثيل النسبي، ثم انفصل حزب الوفد وجماعة "الإخوان" مجدداً، ففقد الحزب الأول أهميته كحزب معارض كان يدعم عدائية النظام تجاه الإسلام السياسي، بينما تحول "الإخوان المسلمون" إلى أقوى حزب معارضة في مصر على الرغم من حملات القمع المتكررة التي تعرض لها.عمد حسن البنّا، المدرّس والناشط الذي أسس جماعة "الإخوان" في عام 1928، إلى معارضة الأحزاب السياسية علناً، ويبدو أن خلفاءه الآن يستعدون لتشكيل ثلاثة أحزاب على الأقل: بالإضافة إلى حزب الحرية والعدالة، أعلن "الإخوان" نسخ عدة أقل تحفظاً، مثل حزبي "الوسط" و"النهضة". ولدى الإسلاميين الآخرين، منهم السلفيون المحافظون المتطرفون والجماعة الإسلامية التي اعترفت حديثاً بأنها حاولت قتل مبارك 12 مرة خلال الثمانينيات والتسعينيات، خططهم الخاصة للتعامل مع الأحزاب، وبالتالي، سيكون حزب الحرية والعدالة الأهم بين أطراف الحركة الإسلامية المنقسمة، ولكنه يستطيع على الأرجح الاتكال على دعم هذه الجماعات الأخرى ضد خصومها العلمانيين.ما الداعي إذن إلى عقد تحالف مع حزب الوفد، بما أن تأسيسه كحزب وطني في عام 1919 كان يعني أساساً إنشاء وحدة علمانية بين المسلمين والمسيحيين في وجه الإمبريالية البريطانية؟ قد يعود ذلك جزئياً إلى شعور "الإخوان" بأن الجدل القائم حول عودة مصر إلى الحكم المدني يزداد مرارة في الأسابيع الأخيرة، وهم يريدون الاستفادة من الوضع.عملياً، لا تزال جميع المسائل محطّ جدل حتى الآن، ولا سيما موعد إجراء الانتخابات، واتخاذ قرار بشأن التمسك بنظام انتخابي مبني على الدوائر الانتخابية أو تبني اللوائح الحزبية، وتحديد مدى أهمية صياغة دستور جديد في المقام الأول، وفي هذه الحالة تحديد موقع الدين في النظام، إذ بدأ بعض العلمانيين الليبراليين واليساريين يشكلون تحالفاتهم الخاصة لمواجهة "الإخوان المسلمين".يقول الجنرالات و"الإخوان المسلمون" في مصر إن مجموعة من التعديلات الدستورية التي خضعت للاستفتاء في شهر مارس، ودعمها 77% من الناخبين، تمنح المصريين خطة مدعومة من الشعب وجدولاً زمنياً محدداً، لكن يعتبر المشككون أن الاستفتاء اكتنفه الغموض كونه لم يتناول إلا بنوداً قليلة من دون التطرق إلى جميع جوانب المرحلة الانتقاليةن فيشعر المصريون على اختلاف قناعاتهم بالقلق بسبب تنامي حجم الانقسمات في المجتمع، ويخشى كثيرون من أن يعقد "الإخوان" اتفاقاً ضمنياً مع الجيش، علماً أن المجلس الأعلى العسكري لا يزال يحكم البلد حتى الآن.ربما تعود المقاربة الودية التي يعتمدها "الإخوان المسلمون" مع حزب الوفد إلى رغبة معظم المصريين في التوصل إلى إجماع حول كيفية وضع أجندة ديمقراطية جديدة، لكن الثقة بأن يتمكن الحزبان من حكم البلد بوئام تام تتراجع نظراً إلى اختلاف جذورهما.
مقالات
هل التحالفات الجديدة في مصر حقيقية؟!
25-06-2011